نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 207
صلاح الولاة بصلاح الرعيّة
قال عبد الملك: إنكم لتسومون منّا فعل أبي بكر و عمر، و لستم تعملون بعمل رعيتهما، فأعان اللّه كلا على كل. و كتب المهدي في جواب كتاب جاءه بشكوى عامل أن اللّه لا يغير ما بقوم، حتى يغيّروا ما بأنفسهم. و قيل: شيئان صلاح أحدهما بصلاح الآخر:
الرعية و السلطان.
خصب الزمان و طيبه بعدل الولاة و جدبه بجورهم
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: إن الأرض لتزين في عين الخليفة إذا كان عليها إمام عادل. و تقبح في أعينها إذا كان عليها إمام جائر.
و روي أن أبرويز [1] نزل بامرأة متنكرا فحلبت بقرة لها، فرأى لبنا كثيرا، فقال للمرأة:
كم يلزمك في السنة لهذه البقرة للسلطان؟قالت: درهم واحد. قال: و أين ترتع و بكم منها ينتفع؟قالت: ترتع في أرض السلطان، و لي منها قوتى و قوت عيالي. فتفكّر في نفسه، و قال: إن الواجب أن تجعل إتاوة على الأبقار فلأصحابها نفع عظيم. فما لبث أن قالت المرأة أوّه إن سلطاننا همّ بجور. فقال لها أبرويز: و لم؟قالت إن درّ البقرة انقطع، و إنّ جور السلطان مقتضى لجدب الزمان، كما أن عدله مقتضى لخصب الزمان.
فأقلع أبرويز عمّا همّ به و تاب مما خطر بقلبه، و كان بعد ذلك يقول إذا همّ الإمام بجور ارتفعت البركة.
و قال سقراط: ينبوع فرح العالم الملك العادل، و ينبوع حزنهم الملك الجائر.
و قال الفضيل بن عياض: لو كان لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في الإمام، لأنه إذا صلح أخصبت البلاد و أمن العباد. فقبّل ابن المبارك رأسه و قال: من يحسن هذا غيرك؟ و كان رجل يساير عاملا فمرّ بقصر خرب عليه زوجا بوم، و الذكر يصرصر [2] للأنثى، فقال العامل للرجل: ما يقول هذا البوم؟فقال: إن أمّنتني أخبرتك بما يقولان؟فقال: أنت آمن. قال: إن الذكر خطب الأنثى، فقالت: لا أجيبك حتى تجعل مهري عشرين قرية خربة. فقال الذكر: إن بقي لنا هذا العامل سنة أمهرتك خمسين قرية. فغضب العامل و قال:
لو لا أني أمّنتك لعاقبتك.
و قيل: عدل السلطان خير من خصب الزمان، و سلطان عادل خير من مطر وابل.
تفويض كلّ أمر إلى المستصلح له
قال الإسكندر لأرسطوطاليس: أوصني في عمّالي، قال: انظر إلى من كان له عبيد