نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 109
لأشعر شعرائكم، فقلت: من هو؟فقال: هو زهير. إنه لا يعاظل [1] بين الكلام و لا يتتبع حوشيّه [2] ، و لا يمدح الرجل إلا بما يكون في الرجال، قال ابن سلام: لم يبق في وصف الشعر شيئا، إلا أتى به في هذا الكلام.
و كان معاوية يسمّي الأعشى «صناجة العرب» [3] يعني أنه يطرب إطرابها.
و قال محمد بن سلام: سألت عمر بن معاذ التيمي عن أشعر الناس، فقال: أوس بن حجر [4] و أبو ذؤيب [5] فقلت: أ ليس النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول يجيء امرؤ القيس يوم القيامة و بيده لواء الشعراء؟فقال: اللواء إنما يكون مع دون الأمير.
و ذكر قوم جريرا و الفرزدق، فقال بعضهم: جرير كان أنسبهما و أسهبهما.
و سئل آخر عنهما فقال: جرير يغرف من بحر [6] ، و الفرزدق ينحت من صخر [7] .
فقال الذي يغرف من بحر أشعر، و قال مروان بن أبي حفصة:
ذهب الفرزدق بالفخار و إنّما # حلو الكلام و مرّه لجرير
و لقد هجا فامضّ أخطل تغلب # و حوى اللهى بمديحه المشهور
كلّ الثلاثة قد أبرّ بمدحه # و هجاؤه قد سار كلّ مسير
الممدوح بإجادة نسجه و التمدّح بذلك، و الحثّ عليه
ذكر عند أبي بكر رضي اللّه عنه الشعراء، فقال: أشعر الناس النابغة أحسنهم شعرا، و أعذبهم بحرا و أبعدهم غورا.
و قول عمر رضي اللّه عنه في زهير من هذا الباب و قد تقدم آنفا. و قيل: فلان إذا قال أسرع، و إذا مدح رفع و إذا هجا وضع. و سئل البحتري عن أبي تمام، فقال مدّاحة نواحة [8] ، عديّ بن الرقاع:
و قصيدة قد بتّ أجمع بينها # حتى أقوّم ميلها و سنادها
[1] يعاظل: المعاظلة هي تعقيد الكلام و الإتيان بالرجيع من القول.
[3] صنّاجة العرب: لقب غلب على الأعشى لأنه كان يطوف في أحياء العرب فيمدح كبار القوم فيسير شعره بين القبائل و الصنّاجة (صيغة فعّالة) صاحب الصّنج و هو من آلات الطرب ذات أوتار، و الصّنج: الطبل.
[4] أوس بن حجر: من شعراء الجاهليّة و هو أحد المعمّرين عاش نحوا من تسعين عاما بين 530 و 620 للميلاد.
[5] أبو ذؤيب: هو أبو ذؤيب الهذليّ، أحد شعراء الجاهلية و الإسلام. شارك في فتح إفريقيا و مات في مصر سنة 28 هـ (648 م) .
[6] يغرف من بحر: كناية عن سهولة شعره و سلاسة لفظه.
[7] ينحت من صخر: كناية عمّا في شعره من المتانة و شدّة الأسر و الغريب.