نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 387
السحر لا يظهر إلا على يد فاسق، و الكرامة لا تظهر إلا على يد ولي، و لا تظهر على يد فاسق، و بهذا جزم إمام الحرمين، و أبو سعيد المتولي و غيرهما. و الثاني أن السحر يكون ناشئا بفعل و مزج و معاناة و علاج، و الكرامة لا تفتقر إلى ذلك و في كثير من الأوقات يقع ذلك اتفاقا، من غير أن يستدعيه أو يشعر به و اللّه تعالى أعلم.
و أما ما يتعلق بالمسألة من فروع الفقه، فتعلم السحر و تعليمه حرام على الصحيح.
و الصواب عدم جواز تعليمه لكل أحد يريد تعلمه، و قال القاضي حسين و إبراهيم المروزي: إن كان في تعليمه ترك طاعة للّه عز و جل لا يجوز، و إن لم يكن فإن قصد بتعلمه دفع ضرر سحر الناس عن نفسه جاز، و إن قصد تعلمه ليسحر الناس لم يجز انتهى. و الخلاف فيما إذا كان لا يتوقف على اعتقاد كفر أو مباشرة محظور كترك صلاة و غيرها، أما إذا توقف على ذلك فتعلمه حرام بالإجماع، و السحر من الكبائر.
و مذهب مالك و أبي حنيفة و أحمد أن الساحر يكفر لقوله [1] تعالى: وَ مََا كَفَرَ سُلَيْمََانُ لأنهم إنما نسبوا سليمان عليه السلام إلى السحر لا إلى الكفر. و لقوله تعالى حكاية عن الملكين إِنَّمََا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاََ تَكْفُرْ[2] و مذهب الشافعي أنه لا يكفر إلا أن يكون فيه قول أو فعل يقتضي الكفر. قال الرافعي: من اعتقد إباحته فهو كافر. و قال ابن الصباغ: إن اعتقد التقرب إلى الكواكب السبعة و إنها تجيب إلى ما يقترح منها، فهو كافر. و عن القفال أنه لو قال: أنا أفعل السحر بقدرتي دون قدرة اللّه تعالى فهو كافر. فلو تاب الساحر قبلت توبته عند الشافعي رحمه اللّه. و قال مالك رحمه اللّه: السحر زندقة، فإن قال: أنا أحسن السحر قتل، و لا تقبل توبته كما لا تقبل توبة الزنديق.
و عن أبي حنيفة رحمه اللّه مثله. و عن الإمام أحمد رحمه اللّه روايتان كالمذهبين. و قال أبو حنيفة رضي اللّه عنه: إن المرأة الساحرة تحبس و لا تقتل، و أما الساحر الذمي فلا يقتل إلا أن يضر بالمسلمين فيقتل لنقضه العهد. و قال أبو حنيفة رضي اللّه عنه: يقتل مطلقا، و يقال للرجل المسحور مطبوب.
يقال طب الرجل إذا سحر، فكنوا بالطب عن السحر، كما كنوا بالسليم عن اللديغ. قال ابن الأنباري: الطب من الأضداد، يقال لعلاج الداء طب و للسحر طب، و هو من أعظم الأدواء، و رجل طبيب أي حاذق سمي طبيبا لحذقه و فطنته و اللّه تعالى أعلم.
فائدة أدبية
: دخل أبو العلاء المعري يوما على الشريف المرتضى فعثر برجل، فقال له الرجل: من هذا الكلب؟فقال أبو العلاء: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما. فقربه المرتضى و اختبره فوجده علامة. ثم جرى ذكر المتنبي يوما فتنقصه الشريف المرتضى و ذكر معايبه، فقال المعري: لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله [3] :
لك يا منازل في القلوب منازل
لكفاه فضلا و شرفا، فغضب الشريف المرتضى و أمر بسحبه برجله و إخراجه من المسجد، ثم