responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 322

نزلت بي، و إنما أبكي لمظلوم يصرخ بالباب، فلا أسمع صوته. ثم قال: إن كان سمعي قد ذهب فإن بصري لم يذهب، نادوا في الناس أن لا يلبس أحدا ثوبا أحمر إلا مظلوما. و كان يركب الفيل طرفي النهار، و يدور في البلد لعله يجد أحد لابسا ثوبا أحمر، فيعلم أنه مظلوم فينصفه، هذا يا أمير المؤمنين رجل مشرك غلبت رأفته على شح نفسه بالمشركين!فكيف لا تغلب رأفتك على شح نفسك بالمؤمنين و أنت مؤمن باللّه و ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟!يا أمير المؤمنين: إنما تجمع المال لإحدى ثلاث: إن قلت: إنما أجمع المال للولد، فقد أراك اللّه عبرة فيمن تقدم ممن جمع المال للولد، فلم يغن ذلك عنه، بل ربما مات فقيرا ذليلا حقيرا، إذ قد يسقط الطفل من بطن أمه و ليس له مال، و لا على وجه الأرض من مال إلا و دونه يد شحيحة تحويه، فلم يزل يلطف اللّه تعالى بذلك الطفل، حتى تعظم رغبة الناس فيه، و يحوي ما حوته تلك اليد الشحيحة، و لست بالذي تعطي، و إنما اللّه المعطي. و إن قلت: إنما أجمعه لمصيبة تنزل بي، فقد أراك اللّه سبحانه و تعالى عبرة في الملوك و القرون الذين خلوا من قبلك، ما أغنى عنهم ما أعدوا من الأموال و الرجال و الكراع، حين أراد اللّه بهم ما أراد. و إن قلت: إنما أجمعه لغاية هي أجسم من الغاية التي أنت فيها، فو اللّه ما فوق منزلتك إلا منزلة، لا تدرك إلا بالعمل الصالح.

فبكى المنصور بكاء شديدا ثم قال: كيف أعمل و العلماء قد فرت مني، و العباد لم تقرب مني، و الصالحون لم يدخلوا علي؟فقال: يا أمير المؤمنين افتح الباب، و سهل الحجاب، و انتصر للمظلوم، و خذ من المال ما حل و طاب، و أقسمه بالحق و العدل، و أنا ضامن من هرب منك أن يعود إليك!فقال المنصور: نفعل إن شاء اللّه تعالى. و جاءه المؤذنون فآذنوه بالصلاة، فقام و صلى.

فلما قضى صلاته طلب الرجل فلم يجده. فقال لصاحب الشرطة: علي بالرجل الساعة فخرج يتطلبه، فوجده عند الركن اليماني، فقال له: أجب أمير المؤمنين. فقال له: ليس إلى ذلك سبيل.

فقال: إذا يضرب عنقي!فقال: لا، و لا الى ضرب عنقك من سبيل. ثم أخرج من مزود كان معه رقا مكتوبا، فقال: خذه فإن فيه دعاء الفرج، من دعا به صباحا، و مات من يومه مات شهيدا، و من دعا به مساء، و مات من ليلته مات شهيدا، و ذكر له فضلا عظيما و ثوابا جزيلا.

فأخذه صاحب الشرطة، و أتى المنصور فلما رآه قال له: ويلك أو تحسن السحر!قال: لا و اللّه يا أمير المؤمنين، ثم قص عليه فأمر المنصور بنقله، و أمر له بألف دينار. و هو هذا: اللهم كما لطفت في عظمتك و قدرتك دون اللطفاء، و علوت بعظمتك على العظماء، و علمت ما تحت أرضك كعلمك ما فوق عرشك، فكانت وساوس الصدور كالعلانية عندك، و علانية القول كالسر في علمك، فانقاد كل شي‌ء لعظمتك، و خضع كل ذي سلطان لسلطانك، و صار أمر الدنيا و الآخرة كله بيدك، اجعل لي من كل غم و هم أصبحت أو أمسيت فيه فرجا و مخرجا، اللهم إن عفوك عن ذنوبي و تجاوزك عن خطيئتي و سترك على قبيح عملي أطمعني أن أسألك ما لا أستوجبه منك، مما قصرت فيه فصرت أدعوك آمنا، و أسألك مستأنسا، فإنك المحسن إلي و أنا المسي‌ء إلى نفسي، فيما بيني و بينك تتودد إلي بالنعم، و أتبغض إليك بالمعاصي، فلم أجد كريما أعطف منك على عبد لئيم مثلي، و لكن الثقة بك حملتني على الجرأة عليك، فجد اللهم بفضلك و إحسانك علي، إنك أنت الرءوف الرحيم. و روي أن الرجل المذكور كان الخضر عليه السلام.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست