responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 321

و من طرق العقل الحميدة: القناعة و هي كنز لا يفنى، و الصدقة و هي عز باق، و تمام عز الرجل استغناؤه عن الناس. و من طرقه أيضا الحياء، و قد قيل:

إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه # و لا خير في وجه إذا قلّ ماؤه‌

و من طرقه أيضا حسن الخلق. روي عنه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» [1] .

و روي أن يحيى بن زكريا عليهما السلام لقي عيسى ابن مريم عليهما السلام فتبسم عيسى في وجهه، فقال يحيى: ما لي أراك لاهيا كأنك آمن!فقال عيسى: ما لي أراك عابسا كأنك آيس! فقالا: لا نبرح حتى ينزل علينا وحي. فأوحى اللّه تعالى إليهما: أحبكما إلي أحسنكما خلقا.

تتمة

: ذكر الغزالي و ابن بلبان و غيرهما، أن أبا جعفر المنصور حج و نزل في دار الندوة، و كان يخرج سحرا فيطوف بالبيت، فخرج ذات ليلة سحرا فبينما هو يطوف، إذ سمع قائلا يقول:

اللهم إني أشكو إليك ظهور البغي و الفساد في الأرض، و ما يحول بين الحق و أهله من الطمع.

فهرول المنصور في مشيته حتى ملأ مسامعه، ثم رجع لدار الندوة، و قال لصاحب الشرطة: إن بالبيت رجلا يطوف فائتني به. فخرج صاحب الشرطة فوجد رجلا عند الركن اليماني، فقال:

أجب أمير المؤمنين، فلما دخل عليه، قال: ما الذي سمعتك آنفا تشكو إلى اللّه من ظهور البغي و الفساد في الأرض و ما يحول بين الحق و أهله من الطمع؟فو اللّه لقد حشوت مسامعي ما أمرضني! فقال له: يا أمير المؤمنين إن الذي دخله الطمع حتى حال بين الحق و أهله، و امتلأت بلاد اللّه بذلك بغيا و فسادا أنت!فقال المنصور: ما هذا؟أو قال: ويحك كيف يدخلني الطمع، و الصفراء و البيضاء ببابي، و ملك الأرض في قبضتى؟!فقال الرجل: سبحان اللّه يا أمير المؤمنين، و هل دخل أحدا من الطمع ما دخلك؟استرعاك اللّه أمور المؤمنين و أموالهم، فأهملت أمورهم و اهتممت بجمع أموالهم، و اتخذت بينك و بين رعيتك حجابا من الجص و الآجر، و حجبة معهم السلاح، و أمرت أن لا يدخل عليك إلا فلان و فلان، نفرا استخلصتهم لنفسك، و آثرتهم على رعيتك، و لم تأمر بإيصال المظلوم، و لا الجائع و لا العاري و لا أحد إلا و له في هذا المال حق!فلما رآك هؤلاء الذين استخلصتهم لنفسك، و آثرتهم على رعيتك، تجمع الأموال و لا تقسمها، قالوا:

هذا قد خان اللّه و رسوله، فما لنا لا نخونه؟فأجمعوا على أن لا يصل إليك من أمور الناس إلا ما أرادوا، فصار هؤلاء شركاءك في سلطانك، و أنت غافل عنهم، فإذا جاء المظلوم إلى بابك، وجدك قد أوقفت ببابك رجلا ينظر في مظالم الناس، فإن كان الظالم من بطانتك، علل صاحب المظالم بالمظلوم، و سوّف به من وقت إلى وقت، فإذا جهد و ظهرت أنت، صرخ بين يديك، فيضرب ضربا شديدا ليكون نكالا لغيره!و أنت ترى ذلك و لا تنكر، و لقد كانت الخلفاء قبلك، من بني أمية، إذا انتهت إليهم الظلامة أزيلت في الحال.

و لقد كنت أسافر الصين يا أمير المؤمنين فقدمته مرة، فوجدت الملك الذي به قد فقد سمعه فبكى، فقال له وزراؤه: ما يبكيك أيها الملك لا أبكى اللّه لك عينا؟فقال: و اللّه ما بكيت لمصيبة


[1] رواه أبو داود: سنة 14. و ابن حنبل: 2-250.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست