نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 320
مقتولا في بلدة، مات ملكها، أو يقتل رجل مذكور. و من قتل فيلا قهر رجلا أعجميا، و من ألقاه الفيل تحته و لم يفارقه، فإنه يموت، و إذا رؤي الفيل في غير بلاد النوبة، فإنه يدل على فتنة، و ذلك لقبح لونه و سماجته. و إن رؤي في البلاد التي يوجد فيها فهو رجل من أشراف الناس. و المرأة إذا رأت الفيل فلا يحمد لها ذلك، على أي صفة رأته. و تعبر الفيلة بالسنين كالبقر، و خروج الفيل من بلد فيه طاعون دليل خير لهم و زوال الطاعون عنهم، و إذا ركب الفيل في بلد فيه بحيرة فهو ركوب سفينة، و اللّه تعالى أعلم.
فصل في فضل العقل و زينه، و قبح الجهل و شينه:
قال بعض الحكماء: العقل ما عقل به عن السيئات، و حض القلب على الحسنات، و العقل معقل عن الدنيات، و نجاة من المهلكات، و النظر في العواقب قبل حلول المصائب، و الوقوف عند مقادير الأشياء، قولا و فعلا، لقوله [1] صلى اللّه عليه و سلم: «أعقلها و توكل» . و قد أجمع الحكماء و العلماء و الفقهاء، أن جميع الأمور كلها، قليلها و جليلها، محتاجة إلى العقل، و العقل محتاج إلى التجربة، و قالوا: العقل سلطان و له جنود، فرأس جنوده التجربة، ثم التمييز ثم الفكر ثم الفهم ثم الحفظ ثم سرور الروح، لأن به ثبات الجسم و الروح سراج نوره العقل.
و في الحديث: «ما قسم اللّه لعباده خيرا من العقل» و روي أن جبريل عليه الصلاة و السلام، أتى آدم عليه السلام فقال: إني أتيتك بثلاث: فاختر واحدة منها، فقال: و ما هي؟ فقال: الحياء و العقل و الدين. فقال آدم عليه السلام: قد اخترت العقل. فخرج جبريل عليه الصلاة و السلام إلى الحياء و الدين، فقال: ارجعا فقد اختار العقل عليكما. فقالا: إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان. و قال بعضهم: من استرشد إلى طريق الحزم بغير دليل العقل فقد أخطأ منهاج الصواب. و العقل مصباح يكشف به عن الجهالة، و يبصر به الفضل من الضلالة، و لو صور العقل لأظلمت معه الشمس، و لو صور الجهل لأضاء معه الليل، و ما شيء أحسن من عقل زانه أدب، و من علم زانه ورع، و من حلم زانه رفق، و من رفق زانه تقوى.
و روي أن جبريل عليه الصلاة و السلام أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا محمد أتيتك بمكارم الأخلاق كلها في الدنيا و الآخرة. فقال: «و ما هي» ؟فقال [2] : خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْجََاهِلِينَ ، و هو يا محمد عفوك عمن ظلمك، و اعطاء من حرمك، و صلة من قطعك، و إحسانك إلى من أساء إليك، و استغفارك لمن اغتابك، و نصحك لمن غشك، و حلمك عمن أغضبك. فهذه الخصال قد تضمنت مكارم الأخلاق، في الدنيا و الآخرة. و أنشد بعضهم في معنى ذلك فقال:
خذ العفو و أمر بعرف كما # أمرت و أعرض عن الجاهلين
و لن في الكلام لكلّ الأنام # فمستحسن من ذوي الجاه لين [3]
[1] رواه الترمذي: قيامة 60. و جمهرة الأمثال: 2/42.