نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 5 صفحه : 340
و لو كان اختيار اللّه لهنّ على قدر قرابتهنّ، لكانت آمنة أقربهنّ رحما، و أعظمهنّ حقا، و أول من يدخل الجنة غدا؛ و لكن اختيار اللّه لخلقه على قدر علمه الماضي لهنّ؛ فأما ما ذكرت من فاطمة جدّة النبي صلّى اللّه عليه و سلم و ولادتها لك، فإن اللّه لم يرزق أحدا من ولدها دين الإسلام، و لو أن أحدا من ولدها رزق الإسلام بالقرابة لكان عبد اللّه ابن عبد المطلب أولاهم بكل خير في الدنيا و الآخرة؛ و لكن الأمر للّه، يختار لدينه من يشاء، و قد قال جل ثناؤه: إِنَّكَ لاََ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لََكِنَّ اَللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ، وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[1] . و قد بعث اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و سلم و له عمومة أربعة، فأنزل اللّه عليه: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ[2] ؛ فدعاهم فأنذرهم؛ فأجابه اثنان، أحدهما أبي، و أبى عليه اثنان، أحدهما أبوك؛ فقطع اللّه ولايتهما منه، و لم يجعل بينهما إلاّ [3]
و لا ذمّة و لا ميراثا.
و قد زعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا، و ابن خير الأشرار؛ و ليس في الشر خيار، و لا فخر في النار، و سترد فتعلم وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ[4] .
و أمّا ما فخرت به من فاطمة أمّ عليّ، و أنّ هاشما ولد عليّا مرتين، فخير الأوّلين و الآخرين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لم يلده هاشم إلا مرة واحدة، و لا عبد المطلب إلا مرة.
و زعمت أنك أوسط بني هاشم نسبا، و أكرمهم أبا و أما، و أنك لم تلدك العجم، و لم تعرق فيك أمّهات الأولاد؛ فقد رأيتك فخرت على بني هاشم طرّا [5] ، فانظر أين أنت-ويحك-من اللّه غدا؟فإنك قد تعديت طورك، و فخرت على من هو خير منك نفسا و أبا و أولا و آخرا؛ فخرت على إبراهيم ولد النبي صلّى اللّه عليه و سلم، و هل خيار ولد