و قدم أعرابي البادية و قد نال من بني برمك، فقيل له: كيف رأيتهم؟قال: رأيتهم قد أنست بهم النعمة كأنها من بناتهم.
قال: و ذكر أعرابي رجلا فقال: ما زال يبني المجد، و يشتري الحمد، حتى بلغ منه الجهد.
و دخل أعرابي على بعض الملوك فقال: إن جهلا أن يقول المادح بخلاف ما يعرف من الممدوح، و إني و اللّه ما رأيت أعشق للمكارم في زمان اللؤم منك. ثم أنشد:
مالي أرى أبوابهم مهجورة # و كأن بابك مجمع الأسواق
حابوك أم هابوك أم شاموا النّدى # بيديك فاجتمعوا من الآفاق
إني رأيتك للمكارم عاشقا # و المكرمات قليلة العشّاق
و أنشد أعرابي في مثل هذا المعنى:
بنت المكارم وسط بيتك بيتها # فتلادها بك للصديق مباح
و إذا المكارم أغلقت أبوابها # يوما فأنت لقفلها مفتاح
و أنشد أعرابي في بني المهلّب:
قدمت على آل المهلّب شاتيا [1] # قصيّا بعيد الدار في زمن المحل
فما زال بي إلطافهم و افتقادهم # و برهم حتى حسبتهم أهلي
و أنشد أعرابي:
كأنك في الكتاب وجدت لاء # محرمة عليك فما تحلّ
و ما تدري إذا أعطيت مالا # أ تكثر من سماحك أم تقل
إذا دخل الشتاء فأنت شمس # و إن دخل المصيف فأنت ظل
و قال أعرابي في مدح عمر بن عبد العزيز:
مقابل الأعراق في الطاب الطاب # بين أبي العاص و آل الخطاب [2]
[1] شاتيا: مقيما عندهم شتاء.
[2] مقابل الأعراف أي شريف من قبل أبيه و أمه. و الطاب: الطيب.