نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 352
من نظرت عينه إليّ فقد # أحاط علما بما حوته يدي
و كان أبو الشّمقمق الشاعر أديبا طريفا محارفا [1] صعلوكا متبرّما، قد لزم بيته في أطمار مسحوقة، و كان إذا استفتح عليه أحد بابه خرج، فنظر من فرج الباب، فإن أعجبه الواقف فتح له، و إلاّ سكت عنه، فأقبل إليه بعض إخوانه فدخل عليه، فلما رأى سوء حاله، قال له: أبشر أبا الشمقمق، فإنا روينا في بعض الحديث أن العارين في الدنيا هم الكاسون يوم القيامة. قال: إن كان و اللّه ما تقول حقا لأكونن بزّازا يوم القيامة، ثم أنشأ يقول.
أنا في حال تعالى للّه # ربي أيّ حال
و لقد أهزلت حتى # محت الشمس خيالي
من رأى شيئا محالا # فأنا عين المحال
ليس لي شيء إذ قيـ # ل لمن ذا قلت ذا لي
و لقد أفلست حتى # حلّ أكلي لعيالي
في حر امّ الناس طرّا # من نساء و رجال
لو أرى في الناس حرّا # لم أكن في ذا المثال
و قال أيضا:
أ تراني أرى من الدهر يوما # لي فيه مطيّة غير رجلي
كلما كنت في جميع فقالوا # قرّبوا للرّحيل قرّبت نعلي
حيثما لا أخلّف رحلا # من رآني فقد رآني و رحلي
و قال أيضا:
لو قد رأيت سريري كنت ترحمني # اللّه يعلم ما لي فيه تلبيس [2]
و اللّه يعلم ما لي فيه شابكة # إلاّ الحصيرة و الأطمار و الدّيس [3]
[1] المحارف: المحدود المحروم، أو الذي لا يصيب خيرا أنّي توجّه.
[2] التلبيس: أي ليس عنده شيء ممّا يكسو به السّرير و يلبسه إيّاه.
[3] الشابكة: أي شيء مضموم بعضه إلى بعض، و الدّيس: هو المعروف في مصر «بالسمار» .
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 352