نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 328
أحضرته بابك ليسهل عليه إذنك، و تعرف له ما عرّفتك. فقال: أذكرتنا رحما قريبة و حقا واجبا، يا غلام، ائذن لإبراهيم بن محمد بن طلحة. فلما دخل عليه أدناه عبد الملك حتى أجلسه على فراشه، ثم قال له: يا بن طلحة، إنّ أبا محمد ذكّرنا ما لم نزل نعرفك به في الفضل و الأدب و المروءة و حسن المذهب، مع قرابة الرحم و وجوب الحق و عظم قدر الأبوة، و ما بلاه منك في الطاعة و النصيحة و حسن الموازرة، فلا تدعنّ حاجة في خاصة نفسك و عامّتك إلا ذكرتها. فقال: يا أمير المؤمنين، إن أول الحوائج، و أحقّ ما قدّم بين يدي الأمور، ما كان للّه فيه رضا، و لحق نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم أداء، و لك فيه و لجماعة المسلمين نصيحة، و عندي نصيحة لا أجد بدّا من ذكرها، و لا أقدر على ذلك إلا و أنا خال، فأخلني يا أمير المؤمنين ترد عليك نصيحتي. قال:
دون أبي محمد؟قال: نعم، دون أبي محمد؟قال عبد الملك للحجاج: قم. فلما خطرف [1] السّتر أقبل عليّ فقال: يا بن طلحة، قل نصيحتك. فقال: تاللّه يا أمير المؤمنين، لقد عمدت إلى الحجاج في تغطرسه و تعجرفه و بعده من الحق و قربه من الباطل، فوليته الحرمين، و هما ما هما، و بهما ما بهما من المهاجرين و الأنصار، و الموالي الأخيار، يطؤهم بطغام [2] أهل الشام، و رعاع لا روية لهم في إقامة حق و لا في إزاحة باطل، و يسومهم الخسف، و يحكم فيهم بغير السّنة بعد الذي كان من سفك دمائهم، و ما انتهك من حرمهم؛ ثم ظننت أن ذلك فيما بينك و بين اللّه زاهق، و فيما بينك و بين نبيك غدا إذا جاثاك [3] للخصومة بين يدي اللّه في أمته. أما و اللّه لا تنجو هنالك إلا بحجة. فاربع [4] على نفسك أودع. فقال له عبد الملك: كذبت و منت [5] و ظنّ بك الحجاج ما لم يجده فيك؛ و قد يظنّ الخير بغير أهله؛ قم فأنت الكاذب المائن. قال:
فقمت و ما أعرف طريقا. فلما خطرفت الستر لحقني لاحق فقال: احبسوا هذا، و قال للحجاج: ادخل. فدخل، فمكث مليّا من النهار لا أشك أنهما في أمري، ثم خرج