responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 1  صفحه : 248

و من جوده أيضا: أنّ معاوية حبس عن الحسين بن عليّ صلاته حتى ضاقت عليه حاله، فقيل‌[له‌]: لو وجّهت إلى ابن عمك عبيد اللّه، فإنه قد قدم بنحو من ألف ألف درهم. فقال الحسين: و أين تقع ألف ألف من عبيد اللّه؟فو اللّه لهو أجود من الريح إذا عصفت، و أسخى من البحر إذا زخر. ثم وجه إليه مع رسوله بكتاب ذكر فيه حبس معاوية عنه صلاته و ضيق حاله و أنه يحتاج إلى مائة ألف درهم. فلما قرأ عبيد اللّه كتابه، و كان من أرقّ الناس قلبا و ألينهم عطفا. انهملت عيناه ثم قال: ويلك يا معاوية مما اجترحت يداك‌ [1] من الإثم حين أصبحت ليّن المهاد رفيع العماد، و الحسين يشكو ضيق الحال و كثرة العيال. ثم قال لقهرمانه: احمل إلى الحسين نصف ما أملكه من فضّة و ذهب و ثوب و دابة، و أخبره أني شاطرته مالي، فإن أقنعه ذلك و إلا فارجع و احمل إليه الشطر الآخر. فقال له القيم: فهذه المؤن التي عليك من أين تقوم بها؟قال: إذا بلغنا ذلك دللتك على أمر يقيم حالك!فلما أتى الرسول برسالته إلى الحسين قال: إنا للّه!حملت‌ [2] و اللّه على ابن عمي و ما حسبته يتسع لنا بهذا كله.

فأخذ الشطر من ماله. و هو أول من فعل ذلك في الإسلام.

و من جوده أن معاوية بن أبي سفيان أهدى إليه و هو عنده بالشام من هدايا النّيروز حللا كثيرة و مسكا و آنية من ذهب و فضة، و وجّهها مع حاجبه، فلما وضعها بين يديه نظر إلى الحاجب و هو ينظر إليها، فقال: هل في نفسك منها شي‌ء؟قال:

نعم و اللّه، إنّ في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف عليهما السلام.

فضحك عبيد اللّه و قال: فشأنك بها فهي لك. قال: جعلت فداك، أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيجد عليّ. قال: فاختمها بخاتمك و ادفعها إلى الخازن، فإذا حان خروجنا حملها إليك ليلا. فقال الحاجب: و اللّه لهذه الحيلة في الكرم أكثر من الكرم، و لوددت أني لا أموت حتى أراك مكانه-يعني معاوية-فظنّ عبيد اللّه أنها مكيدة منه، قال: دع عنك هذا الكلام، فإنا قوم نفي بما وعدنا و لا ننقص ما أكدنا.


[1] اجترحت يداك: اقترفت و اكتسبت من إثم.

[2] حملت: ضيّقت و كلّفته الكثير.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 1  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست