لا خير في كذب الجوا # د و حبّذا صدق البخيل
استبطأ حبيب الطائي الحسن بن وهب في عدة وعدها إياه، فكتب إليه أبياتا يستعجله بها؛ فبعث إليه بألف درهم و كتب إليه:
أعجلتنا فأتاك عاجل برّنا # قلاّ و لو أخّرته لم يقلل
فخذ القليل و كن كمن لم يسأل # و نكون نحن كأننا لم نفعل
ابن دأب عند المهدي
و قال عبد الملك بن مالك الخزاعي: دخلت على أمير المؤمنين المهدي و عنده ابن دأب و هو ينشد قول الشماخ:
و أشعث قد قد السّفار قميصه # يجرّ شواء بالعصا غير منضج [1]
دعوت إلى ما نابني فأجابني # كريم من الفتيان غير مزلّج [2]
فتى يملأ الشّيزى و يروي سنانه # و يضرب في رأس الكميّ المدجّج [3]
فتى ليس بالرّاضي بأدني معيشة # و لا في بيوت الحيّ بالمتولّج
فرفع المهديّ رأسه إليّ و قال: هذه صفتك أبا العباس. فقلت: بك نلتها يا أمير المؤمنين. قال: فأنشدني. فأنشدته قول السموأل:
إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه # فكلّ رداء يرتديه جميل
و إن هو لم يحمل على النّفس ضيمها # فليس إلى حسّن الثّناء سبيل [4]
إذا المرء أعيته المروءة يافعا # فمطلبها كهلا عليه ثقيل [5]
تعيّرنا أنا قليل عدادنا # فقلت لها إنّ الكرام قليل
و ما ضرّنا أنّا قليل و جارنا # عزيز و جار الأكثرين ذليل
و نحن أناس لا نرى القتل سبّة # إذا ما رأته عامر و سلول [6]
[1] الأشعث: صاحب الشعر الكثير الغبار الذي لم يرجّل من مدّه و السّفار: أي السفر.
[2] المزلّج: البخيل و الناقص المروءة.
[3] الشيزى: خشب أسود تتخذ منه القصاع.
[4] الضيم: الظلم.
[5] يافعا: شابا.
[6] السّبّة: العار.