لأبي العتاهية في المشمر فرس الرشيد

و سبق يوما فرس للرشيد، يسمى المشمّر. و كان أجراه مع أفراس للفضل و جعفر ابني يحيى بن خالد البرمكي. فقال أبو العتاهية:

جاء المسمّر و الأفراس يقدمها # هونا على سرعة منها و ما انتهرا [1]

و خلّف الريح حسرى و هي تتبعه # و مرّ يختطف الأبصار و النظرا

لأبي النجم في الحلبة

و قال أبو النجم في شعر يصف الفرس، و هو أجود شعر يصف الحلبة:

ثمّ سمعنا برهان نأمله # قيد له من كلّ أفق جحفله

فقلت للسّائس قده أعجله # واغد لعنّا في الرّهان نرسله‌ [2]

نعلو به الحزن و لا نسهّله # إذا علا الأخشب صاح جندله‌ [3]

ترنّم النّوّح يبكي مثكله # كأنّ في الصّوت الذي يفصّله

زمّار دفّ يتغنى جلجله # حتى و زدنا المصر يطوى قنبله‌ [4]

طيّ التّجار العصب إذ تنخّله # و قد رأينا فعلهم فنفعله‌ [5]

نطويه و الطّيّ الرقيق يجدله # نضمّر الشّحم و لسنا نهزله

حتى إذا الليل تولّى أثجله # و اتّبع الأيدي منه أرجله‌ [6]

قمنا على هول شديد وجلة # نمدّ حبلا فوق خطّ نعدله‌ [7]

نقول قدّم ذا و هذا أدخله # و قام مشقوق القميص يعجله

فوق الخماسيّ قليلا يفضله # أدرك عقلا و الرّهان عمله‌ [8]

[1] الهون: السكينة و الهدوء. و انتهر: أي زجر من أجل السرعة.

[2] الرّهان: تضمير الخيل.

[3] الحزن: الأرض الوعرة المسالك، و الجندل: الحجارة

[4] القنبل: الطائفة من الخبل.

[5] العصب: ضرب من البرود، و تنخله: تختاره.

[6] الأثجل: القطعة الضخمة من الليل.

[7] الوجل: الخوف.

[8] الخماسي: يقال غلام خماسيّ إذا كان طوله خمسة أشبار.