حتى إذا أدرك خيلا مرسله # ثار عجاج مستطير قسطله [1]
تنفش منه الخيل ما لا تغزله # مرّا يغطّيها و مرّا تنعله
مرّ القطا انصبّ عليه أجدله # و هو رخيّ البال سام وهله [2]
قدّمه مثلا لمن يمتثله # تطيره الجنّ و حينا ترجله
تسبح أخراه و يطفو أوله # ترى الغلام ساجيا ما يركله [3]
يعطيه ما شاء و ليس يسأله # كأنّه من زبد يسربله
في كرسف النّدّاف لو لا بلله # تخال مسكا عله معلله [4]
ثم تناولنا الغلام تنزله # عن مفرع الكتفين حلو عطله [5]
منتفج الجوف عريض كلكله # فوافت الخيل و نحن نشكله [6]
و الجنّ عكّاف به تقبّله
و قال آخر في فرس أبي الأعور السّلمي:
مرّ كلمع البرق سام ناظره # تسبح أولاه و يطفو آخره
فما يمسّ الأرض منه حافره
قول هذا أشبه من قول أبي النجم: لأنه يقول:
تسبح أخراه و يطفو أوّله
و قال الأصمعي: إذا كان الفرس كما قال أبو النجم فحمار الكسّاح [7] أسرع منه.
لأن اضطراب مؤخره قبيح.
و قال الأصمعي: كان أبو النجم وصّافا للخيل إلا أنه غلط في هذا البيت، و قد غلط رؤبة أيضا في الفرس فقال يصف قوائمه:
يهوين شتّى و يقعن وفقا [8]
[1] العجاج و القسطل: الغبار.
[2] الأجدل: الصقر، و الوهل: الخوف.
[3] الساجي: الساكن، و يركله: ينهره.
[4] الكرسف: القطن.
[5] مفرع الكتفين: عاليهما، و العطل: العنق، و قيل: الضمور.
[6] منتفج: أي منتفخ.
[7] الكسّاح: الكنّاس.
[8] وفقا: أي على نمط واحد.