responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 293

المدائني قال: قال المنذر بن المنذر، لما حارب غسّان الشام، لابنه النعمان يوصيه:

إياك و اطّراح الإخوان، و إطراف المعرفة [1] و إياك و ملاحاة الملوك، و ممازحة السفيه. و عليك بطول الخلوة، و الإكثار من السمر. و البس من القشر [2] ما يزينك في نفسك و مروءتك. و اعلم أن جماع الخير كله الحياء فعليك به، فتواضع في نفسك و انخدع في مالك. و اعلم أن السكوت عن الأمر الذي يغنيك خير من الكلام، فإذا اضطررت إليه فتحرّ الصدق و الإيجاز، تسلم إن شاء اللّه تعالى.

كلام من عزى بعض الملوك قال: إن الخلق للخالق، و الشكر للمنعم، و التسليم للقادر، و لا بد مما هو كائن. و قد جاء ما لا يردّ، و لا سبيل إلى ردّ ما قد فات، و قد أقام معك ما سيذهب أو ستتركه، فما الجزع مما لا بد منه، و ما الطمع فيما لا يرجى، و ما الحيلة فيما سينتقل عنك أو تنقل عنه؟و قد مضت أصول نحن فروعها، فما بقاء الفرع بعد ذهاب الأصل، فافضل الأشياء عند المصائب الصبر، و إنما أهل الدنيا سفر لا يحلون الركاب إلا في غيرها.

فما أحسن الشكر عند النعم، و التسليم عند الغير. فاعتبر بمن رأيت من أهل الجزع، فإن رأيت الجزع رد أحدا منهم إلى ثقة من درك فما أولاك به. و اعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف منها، فأفق فإن المرجع قريب. و اعلم انه إنما ابتلاك المنعم، و أخذ منك المعطي، و ما ترك أكثر. فإن نسيت الصبر فلا تنس الشكر، و كلاّ فلا تدع. و احذر من الغفلة استلاب النعم، و طول الندامة، فما أصغر المصيبة اليوم مع عظم الغنيمة غدا. فاستقبل المصيبة بالحسبة [3]

تستخلف بها نعمى. فإنما نحن في الدنيا غرض ينتصل‌ [4] فينا بالمنايا، و نهب للمصائب، مع كل جرعة شرق، و مع كل أكلة غصص، لا تنال نعمة إلا بفراق


[1] إطراف المعرفة: تجديد الاخوان.

[2] القشر: اللباس.

[3] الحسبة: المبادرة إلى طلب الأجر.

[4] الانتضال: السبق في رمي الاغراض.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست