نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 291
فعل من أحسّ من نفسه ذلا و ضعة، و إنا كما نملك أموركم نملك تأديبكم، فأريدوا منا ما نريده منكم، فإنه أبقى لكم، و إلا قصرناكم كرها، فكان أشدّ عليكم و أعنف بكم.
و قال معاوية لرجل من أهل سبأ: ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة!فقال: بل قومك أجهل!قالوا حين دعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى الحق و أراهم البينات: اَللََّهُمَّ إِنْ كََانَ هََذََا هُوَ اَلْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنََا حِجََارَةً مِنَ اَلسَّمََاءِ أَوِ اِئْتِنََا بِعَذََابٍ أَلِيمٍ . إلا قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له!! قال: و لما سقطت ثنيتا معاوية لفّ وجهه بعمامة، ثم خرج إلى الناس فقال:
لئن ابتليت لقد ابتلي الصالحون قبلي، و إني لأرجو أن أكون منهم. و لئن عوقبت لقد عوقب الخاطئون قبلي، و ما آمن أن أكون منهم. و لئن سقط عضوان مني لما بقي أكثر. و لو أتى على نفسي لما كان لي عليه خيار، تبارك و تعالى.
فرحم اللّه عبدا دعا بالعافية، فو اللّه لئن كان عتب علي بعض خاصتكم لقد كنت حدبا على عامتكم.
و لما بلغت معاوية وفاة الحسن بن علي رضي اللّه تعالى عنهما، دخل عليه ابن عباس فقال له معاوية: آجرك اللّه أبا عباس في أبي محمد الحسن بن علي!و لم يظهر حزنا، فقال ابن عباس: إنا للّه و إنا إليه راجعون!و غلبه البكاء فردّه ثم قال: لا يسد و اللّه مكانه جفرتك [1] ، و لا يزيد موته في أجلك، و اللّه لقد أصبنا بمن هو أعظم منه فقدا فما ضيعنا اللّه بعده!فقال له معاوية:
كم كانت سنه؟قال: مولده أشهر من أن تتعرف سنه!قال: أحسبه ترك أولادا صغارا؟قال: كلنا كان صغيرا فكبر، و لئن اختار اللّه لأبي محمد ما عنده، و قبضه إلى رحمته، لقد أبقى اللّه أبا عبد اللّه، و في مثله الخلف الصالح.