responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 262

[بلاغة النبي‌]

و روى الأصمعي و ابن الأعرابي، عن رجالهما، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:

«إنا معشر الأنبياء بكاء» ، فقال ناس: البك‌ء: القلّة. و أصل ذلك من اللبن.

فقد جعل صفة الأنبياء قلة الكلام، و لم يجعله من إيثار الصمت و من التحصيل و قلة الفضول.

قلنا: ليس في ظاهر هذا الكلام دليل على أن القلة من عجز في الخلقة، و قد يحتمل ظاهر الكلام الوجهين جميعا، و قد يكون القليل من اللفظ يأتي على الكثير من المعاني. و القلة تكون من وجهين: أحدهما من جهة التحصيل، و الإشفاق من التكلف، و على تصديق قوله: قُلْ مََا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ مََا أَنَا مِنَ اَلْمُتَكَلِّفِينَ ، و على البعد من الصنعة، و من شدة المحاسبة و حصر النفس، حتى يصير بالتمرين و التوطين إلى عادة تناسب الطبيعة. و تكون من جهة العجز و نقصان الآلة، و قلة الخواطر، و سوء الاهتداء إلى جياد المعاني، و الجهل بمحاسن الألفاظ. أ لا ترى أن اللّه قد استجاب لموسى عليه السلام حين قال: وَ اُحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسََانِي. `يَفْقَهُوا قَوْلِي. `وَ اِجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. `هََارُونَ أَخِي. `اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. `وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي. `كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً.

`وَ نَذْكُرَكَ كَثِيراً. `إِنَّكَ كُنْتَ بِنََا بَصِيراً. `قََالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يََا مُوسى‌ََ. `وَ لَقَدْ مَنَنََّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى‌ََ .

فلو كانت تلك القلة من عجز كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أحق بمسألة إطلاق تلك العقدة من موسى، لأن العرب أشد فخرا ببيانها، و طول ألسنتها، و تصريف كلامها، و شدة اقتدارها. و على حسب ذلك كانت زرايتها على كل من قصّر عن ذلك التمام، و نقص من ذلك الكمال.

و قد شاهدوا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و خطبه الطوال في المواسم الكبار، و لم يطل التماسا للطول، و لا رغبة في القدرة على الكثير، و لكن المعاني إذا كثرت، و الوجوه إذا افتنت، كثر عدد اللفظ، و إن حذفت فضوله بغاية الحذف.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست