نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 261
و كان عندنا قاص يقال له أبو موسى كوش، فأخذ يوما في ذكر قصر الدنيا و طول أيام الآخرة، و تصغير شأن الدنيا و تعظيم شأن الآخرة، فقال: هذا الذي عاش خمسين سنة لم يعش شيئا، و عليه فضل سنتين!قالوا: و كيف ذاك؟ قال: خمس و عشرون سنة ليل، هو فيها لا يعقل قليلا و لا كثيرا، و خمس سنين قائلة [1] ، و عشرون سنة إما أن يكون صبيا و إما أن يكون معه سكر الشباب فهو لا يعقل. و لا بد من صبحة بالغداة [2] ، و نعسة بين المغرب و العشاء، و كالغشى الذي يصيب الإنسان مرارا في دهره، و غير ذلك من الآفات. فإذا حصلنا ذلك فقد صح أن الذي عاش خمسين سنة لم يعش شيئا، و عليه فضل سنتين! و قال بعض الهلاّك [3] : دخل فلان على كسرى فقال: أصلحك اللّه، ما تأمر في كذا كذا؟ و قال رجل من وجوه أهل البصرة: حدثت حادثة أيام الفرس فنادى كسرى: الصلاة جامعة! و قلت لغلامي نفيس: بعثتك إلى السوق في حوائج فاشتريت ما لم آمرك به، و تركت كل ما أمرتك به!قال: يا مولاي، أنا ناقة و ليس في ركبتي دماغ! و قال نفيس لغلام لي: الناس ويلك أنت حياء كلهم أقل!يريد: أنت أقل الناس كلهم حياء.
و قلت لنفيس: ابن بريهة هذا الصبي، في أي شيء أسلموه؟قال: في أصحاب سند نعال. يريد أصحاب النعال السندية.