نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 245
قال المأمون: لنا اختلافان: أحدهما كالإختلاف في الأذان و تكبير الجنائز، و الاختلاف في التشهد و صلاة الأعياد و تكبير التشريق، و وجوه القراءات و اختلاف وجوه الفتيا و ما أشبه ذلك. و ليس هذا باختلاف إنما هو تخيير و توسعة، و تخفيف من المحنة. فمن أذن مثنى و أقام مثنى لم يؤثم، و من أذن مثنى و أقام فرادى لم يحوّب [1] ، لا يتعايرون و لا يتعايبون، أنت ترى ذلك عيانا و تشهد عليه بتاتا.
و الاختلاف الآخر كنحو اختلافنا في تأويل الآية من كتابنا، و تأويل الحديث عن نبينا، مع إجماعنا على أصل التنزيل، و اتفاقنا على عين الخبر.
فإن كان الذي أوحشك هذا حتى أنكرت من أجله هذا الكتاب، فقد ينبغي أن يكون اللفظ بجميع التوراة و الإنجيل متفقا على تأويله، كما يكون متفقا على تنزيله، و لا يكون بين جميع النصارى و اليهود اختلاف في شيء من التأويلات.
و ينبغي لك أن لا ترجع إلا إلى لغة لا اختلاف في تأويل ألفاظها.
و لو شاء اللّه أن ينزل كتبه و يجعل كلام أنبيائه و ورثة رسله لا يحتاج إلى تفسير لفعل، و لكنا لم نر شيئا من الدين و الدنيا دفع إلينا على الكفاية، و لو كان كان الأمر كذلك لسقطت البلوى و المحنة، و ذهبت المسابقة و المنافسة، و لم يكن تفاضل، و ليس على هذا بنى اللّه الدنيا.
قال المرتدّ: أشهد أن اللّه واحد لا ندّ له و لا ولد، و أن المسيح عبده، و إن محمدا صادق، و إنك أمير المؤمنين حقا! فأقبل المأمون على أصحابه فقال: فروا عليه عرضه، و لا تبرّوه في يومه ريثما يعتق إسلامه، كي لا يقول عدوه أنه أسلم رغبة. و لا تنسوا بعد نصيبكم من برّه و تأنيسه و نصرته، و العائدة عليه.