responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 244

و قد كان أمر اليزيدي‌ [1] بالنظر فيها ليخبره عنها، قال لي: قد كان بعض من يرتضى عقله و يصدّق خبره خبّرنا عن هذه الكتب بأحكام الصنعة و كثرة الفائدة، فقلنا له: قد تربي الصفة على العيان، فلما رأيتها رأيت العيان قد أربى على الصفة، فلما فليتها أربى الفلي على العيان كما أربى العيان على الصفة.

و هذا كتاب لا يحتاج إلى حضور صاحبه، و لا يفتقر إلى المحتجّين عنه، قد جمع استقصاء المعاني، و استيفاء جميع الحقوق، مع اللفظ الجزل، و المخرج السهل، فهو سوقي ملوكي، و عامي خاصي.

و لما دخل عليه المرتدّ الخراساني و قد كان حمله معه من خراسان حتى وافى به العراق، قال له المأمون:

لأن استحييك بحق أحبّ إلي من أن أقتلك بحق، و لأن أقبلك بالبراءة أحب إلي من أن أدفعك بالتهمة، قد كنت مسلما بعد أن كنت نصرانيا، و كنت فيها أتنخ‌ [2] و أيامك أطول، فاستوحشت مما كنت به آنسا ثم لم تلبث أن رجعت عنا نافرا، فخبرنا عن الشي‌ء الذي أوحشك من الشي‌ء الذي صار آنس لك من ألفك القديم، و أنسك الأول. فإن وجدت عندنا دواء دائك تعالجت به، و المريض من الأطباء يحتاج إلى المشاورة. و إن أخطأك الشفاء و نبا عن دائك الدواء، كنت قد أعذرت و لم ترجع على نفسك بلائمة، فإن قتلناك قتلناك بحكم الشريعة. أو ترجع أنت في نفسك إلى الاستبصار و الثقة، و تعلم أنك لم تقصر في اجتهاد، و لم تفرط في الدخول في باب الحزم.

قال المرتد: أوحشني كثرة ما رأيت من الاختلاف فيكم!


[1] اليزيدي هو يحيى بن المبارك بن المغيرة اليزيدي، عمل مؤدبا لأولاد يزيد بن منصور الحميري خال المهدي فنسب إليه، ثم عمل مؤدبا للمأمون بن الرشيد، و كان عالما و قارئا كبيرا يقرئ و الكسائي الناس في مسجد بغداد. توفي سنة 202 هـ.

[2] أتنخ: مقيما.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست