responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 196

قالوا: و المشاكلة من جهة الاتفاق في الطبيعة و العادة، ربما كانت أبلغ و أوغل من المشاكلة من جهة الرّحم. نعم حتى تراه أغلب عليه من أخيه لأمه و أبيه. و ربما كان أشبه به خلقا و خلقا، و أدبا و مذهبا. فيجوز أن يكون اللّه تبارك و تعالى حين حول اسماعيل عربيا أن يكون كما حوّل طبع لسانه إلى لسانهم، و باعده عن لسان العجم، أن يكون أيضا حول سائر غرائزه، و سلخ سائر طبائعه، فنقلها كيف أحب، و ركبها كيف شاء. ثم فضله بعد ذلك بما عطاه من الأخلاق المحمودة، و اللسان البين، بما لم يخصهم به. فكذلك يخصه من تلك الأخلاق و من تلك الأشكال بما يفوقهم و يروقهم. فصار بإطلاق اللسان على غير التلقين و الترتيب. و بما نقل من طباعه و نقل إليه من طبائعهم، و بالزيادة التي أكرمه اللّه بها، أشرف شرفا و أكرم كرما.

و قد علمنا أن الخرس و الأطفال إذا دخلوا الجنة و حوّلوا في مقادير البالغين، و إلى الكمال و التمام، لا يدخلونها إلا مع الفصاحة بلسان أهل الجنة. و لا يكون ذلك إلا على خلاف الترتيب و التدريج و التعليم و التقويم.

و على ذلك المثال كان كلام عيسى بن مريم، صلّى اللّه عليه و سلّم، في المهد، و إنطاق يحيى عليه السلام بالحكمة صبيا.

و كذلك القول في آدم و حواء عليهما السلام. و قد قلنا في ذئب أهبان بن أوس، و غراب نوح، و هدهد سليمان، و كلام النملة، و حمار عزير [1] ، و كذلك كل شي‌ء أنطقه اللّه بقدرته، و سخره لمعرفته.

و إنما يمتنع البالغ من المعارف من قبل أمور تعرض من الحوادث، و أمور في أصل تركيب الغريزة. فإذا كفاهم اللّه تلك الآفات، و حصنهم من تلك


[1] أهبان بن أوس أحد الصحابة، يروى أنه كان يرعى غنمه فعدا ذئب على شاة فصاح به أهبان فقال الذئب: تنزع مني رزقا رزقنيه اللّه. أنظر إن رسول اللّه بين تلك النخلات و اومأ إلى المدينة. فغدا أهبان على النبي و أسلم. و وردت أخبار هدهد سليمان و النملة في سورة لنمل و وردت أخبار عزيز في سورة البقرة و قد أحياه اللّه بعد مائة عام من موته.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست