نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 18
مالكا، فقال: «كان يخرج في الليلة الصنبر عليه الشملة الفلوت [1] ، بين المزادتين النضوحين، على الجمل الثفال، معتقل الرمح الخطل» . قالوا له:
و ابيك إن هذا لهو الجلد. و لا يحمل الرمح الخطل منهم إلا الشديد الأيّد [2] ، و المدلّ بفضل قوته عليه، الذي إذا رآه الفارس في تلك الهيئة هابه و حاد عنه، فإن شد عليه كان أشدّ لاستخذائه له [3] .
و الحال الأخرى أن يخرجوا في الطلب بعقب الغارة، فربما شدّ على الفارس المولّي فيفوته بأن يكون رمحه مربوعا أو مخموسا، و عند ذلك يستعملون النيازك. ، و النيزك أقصر الرماح. و إذا كان الفارس الهارب يفوت الفارس الطالب زجه بالنيزك، و ربما هاب مخالطته فيستعمل الزج دون الطعن، صنيع ذؤاب الأسدي بعتيبة بن الحارث بن شهاب.
و قال الشاعر:
و اسمر خطّيا كأنّ كعوبه # نوى القصب قد أربى ذراعا على العشر
و قال آخر:
هاتيك تحملني و أبيض صارما # و محرّبا في مارن مخموس [4]
و قال آخر:
فولوا و أطراف الرماح عليهم # قوادر، مربوعاتها و طوالها
و هم قوم الغارات فيهم كثيرة، و بقدر كثرة الغارات كثر فيهم الطلب، و الفارس ربما زاد في طول رمحه ليخبر عن فضل قوته، و يخبر عن قصر سيفه ليخبر عن فضل نجدته. قال كعب بن مالك:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا # قدما و نلحقها إذا لم تلحق
[1] ليلة صنبر: شديدة البرد. الشملة الفلوت: التي لا ينضم طرفاها.