نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 17
و لهذه العلة قتل خالد بن سعيد بن العاصي، حين غشيه العدو و أراد الركوب و لم يجد من يحمله. و لذلك قال عمر حين رأى المهاجرين و الأنصار قد أخصبوا، و همّ كثير منهم بمقاربة عيش العجم: «تمعددوا و اخشوشنوا [1] ، و اقطعوا الركب، و انزوا على الخيل نزوا» . و قال: «احفوا و انتعلوا، إنكم لا تدرون متى تكون الجفلة [2] » .
و كانت العرب لا تدع اتخاذ الركاب للرحل فكيف تدع الركاب للسرج؟! و لكنهم كانوا و إن اتخذوا الركب فإنهم كانوا لا يستعملونها إلا عند ما لا بد منه، كراهة أن يتّكلوا على بعض ما يورثهم الاسترخاء و التفنخ [3] و يضاهوا أصحاب الترفة و النعمة [4] . قال الأصمعي: قال العمري: كان عمر بن الخطاب يأخذ بيده اليمنى أذن فرسه اليسرى. ثم يجمع جراميزه و يثب، فكأنما خلق على ظهر فرسه. و فعل مثل ذلك الوليد بن يزيد بن عبد الملك و هو يومئذ وليّ عهد هشام، ثم أقبل على مسلمة بن هشام فقال له: أبوك يحسن مثل هذا؟فقال مسلمة: لأبي مائة عبد يحسنون مثل هذا. فقال الناس: لم ينصفه في الجواب.
و زعم رجال من مشيختنا أنه لم يقم أحد من ولد العباس بالملك إلا و هو جامع لأسباب الفروسية.
و أما ما ذكروا من شأن رماح العرب فليس الأمر في ذلك على ما يتوهمون.
للرماح طبقات: فمنها النيزك [5] ، و منها المربوع، و منها المخموس [6] ، و منها التام، و منها الخطل و هو الذي يضطرب في يد صاحبه لأفراط طوله. فإذا أراد الرجل أن يخبر عن شدة أمر صاحبه ذكره، كما ذكر متمّم بن نويرة أخاه