جاء كلمع البرق جاش ناظرة # يسبح أولاه و يطفو آخره
فما يمس الأرض منه حافره
قوله: جاش ناظره، أي جاش بمائه. و ناظر البرق: سحابه. يسبح، يعني يمد ضبعيه، فإذا مدهما علا كفله. و قال الآخر:
إن سرك الأهون فابدأ بالأشد
و قال العجّاج:
مكّن السيف إذا السيف انأطر # من هامة الليث إذا ما الليث هر
كجمل البحر إذا خاض جسر # غوارب اليمّ إذا اليم هدر
حتى يقال حاسر و ما حسر
قالوا: جمل البحر سمكة طولها ثلاثون ذراعا. يقول: هذا الرجل يبعد كما تبعد هذه السمكة بجسارة، لا يردها شيء، حتى يقال كاشف و ما انكشف البحر.
يقال: البحر حاسر و جازر. يقول: حتى يحسب الناس من ضخم ما يبدو من هذا الجمل، أن الماء قد نضب عنه، و إن البحر حاسر. و قال آخر:
يا دار قد غيّرها بلاها # كأنما بقلم محاها
أخربها عمران من بناها # و كرّ ممساها على مغناها
و طفقت سحابة تغشاها # تبكي على عراصها عيناها
قوله: أخربها عمران من بناها، يقول: عمّرها بالخراب. و أصل العمران مأخوذ من العمر، و هو البقاء، فإذا بقي الرجل في داره فقد عمرها. فيقول:
إن مدة بقائه فيها و قام مقام العمران في غيرها، سمي بالعمران. و قال الشاعر:
يا عجّل الرحمن بالعذاب # لعامرات البيت بالخراب
يعني الفار. يقول: هذا عمرانها، كما يقول الرجل: «ما نرى من خيرك و رفدك، إلا ما يبلغنا من خطبك علينا، و فتّك في أعضادنا» .