نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 32
و إلى مال الالتقاط، و حباء [1] الملوك، أسرع، و أن الحفظ الى المال المكتسب و الغنى المجتلب، و إلى ما يعرض فيه لذهاب الدين، و اهتضام العرض، و نصب [2] البدن، و اهتمام القلب أسرع، و أن من لم يحسب ذهاب نفقته، لم يحسب الدخل، فقد أضاع الأصل، و أن من لم يعرف قدره، فقد أذن بالفقر و طاب نفسا بالذّل.
و زعمت أن كسب الحلال مضمّن بالإنفاق في الحلال؛ و أن الخبيث ينزع الى الخبيث؛ و أن الطيّب يدعو الى الطيّب؛ و أن الإنفاق في الهوى، حجاب دون الحقوق؛ و أن الإنفاق في الحقوق، حجاز دون الهوى. فعبتم عليّ هذا القول؛ و قد قال معاوية: لم أر تبذيرا قط إلا و إلى جانبه حق مضيّع. و قد قال الحسن: إذا أردتم أن تعرفوا من أين أصاب ماله، فانظروا في أي شيء ينفقه، فإن الخبيث ينفق في السّرف.
و قلت لكم، بالشفقة مني عليكم، و بحسن النظر لكم و بحفظكم لآبائكم، و لما يحب في جواركم، و في ممالحتكم، و ملابستكم: «أنتم في دار الآفات، و الجوائح [3] غير مأمونات؛ فإن أحاطت بمال أحدكم آفة، لم يرجع الى بقية؛ فأحرزوا النعمة باختلاف الأمكنة، فإن البليّة لا تجري في الجميع إلا مع موت الجميع. و قد قال عمر رضي اللّه عنه، في العبد و الأمة، و في ملك الشاة و البعير، و في الشيء الحقير اليسير: «فرّقوا بين المنايا» . و قال ابن سيرين لبعض البحريين: «كيف تصنعون بأموالكم» ؟ قال: «نفرّقها في السفن، فإن عطب بعض سلم بعض، و لو لا أنّ السلامة أكثر لما حملنا خزائننا في البحر» . قال ابن سيرين: تحسبها «خرقاء [4] و هي صناع» [5] .