responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 31

و قد علمنا أن الجديد في موضعه دون الخلق؛ و قد جعل اللّه عزّ و جلّ لكل شي‌ء قدرا و بوّأ له موضعا، كما جعل لكل دهر رجالا، و لكل مقام مقالا؛ و قد أحيا بالسمّ، و أمات بالغذاء، و أغصّ بالماء، و قتل بالدواء. فترقيع الثوب يجمع، مع الإصلاح التواضع، و خلاف ذلك يجمع، مع الإسراف، التكبر. و قد زعموا أن قلة العيال أحد اليسارين، و قد جبر الأحنف يد عنز، و أمر بذلك النعمان. و قال عمر: من أكل بيضة فقد أكل دجاجة، و قال رجل لبعض السادة: أهدي إليك دجاجة، قال: إن كان لا بدّ فاجعلها بياضة. وعد أبو الدرداء [1] العراق‌ [2] جزر البهيمة [3] .

وعبتموني حين قلت: «لا يغترّنّ أحد بطول عمره، و تقوّس ظهره، ورقة عظمه، و وهن‌ [4] قوته، أن يرى أكرومته، و لا يخرجه ذلك إلى إخراج ماله من يديه، و تحويله إلى ملك غيره، و إلى تحكيم السرف فيه، و تسليط الشهوات عليه، فلعلّه أن يكون معمرا، و هو لا يدري، و ممدودا له في السن و هو لا يشعر؛ و لعله أن يرزق الولد على اليأس، أو يحدث عليه بعض مخبّئات الدهور، مما لا يخطر على البال، و لا تدركه العقول، فيستردّه ممن لا يردّه، و يظهر الشكوى إلى من لا يرحمه، أضعف ما كان عن الطلب و أقبح ما يكون به الكسب» . فعبتموني بذلك، و قد قال عمرو بن العاص: «اعمل لدنياك عمل من يعيش أبدا، و اعمل لآخرتك من يموت غدا» [5] .

وعبتموني حين زعمت أن التبذير الى مال القمار، و مال الميراث،


[1] ابو الدرداء: هو عويمر بن مالك الخزرجي، أحد الصحابة.

[2] العراق: العظم اكل لحمه.

[3] جزر البهيمة: لحمها.

[4] وهن: ضعف.

[5] و مثل هذا القول يروى عن الامام علي بن ابي طالب، كرّم اللّه وجهه.

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست