قال أبو عبيدةَ
: يقال للفرسِ : إذا سبقَ الْخيلَ : قد
اغتَرَقَ حَلْبَةَ
الخيلِ المتقدمةِ ، ويقال : فلانةُ
تَغْتَرِقُ نَظَرَ الناسِ
، أي : تَشْغَلُهُمْ بالنظرِ إليها عن النَّظَرِ إلى غيرها ، لِحُسْنِها ، ومنه
قولُ قيسِ بنِ الخطيم :
تَغتَرِقُ
الطَّرْفَ وهي لاهِيَةٌ
كأنَّمَا
شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ
والطّرفُ ـ هاهنا
ـ : النظرُ ، لا العينُ ، يقال : طرَفَ يطرِفُ
طَرْفاً ، إذا نَظَر.
أراد : أنها
تَسْتَمِيلُ نظرَ الناظرينَ إليها بِحُسْنِهَا ، وهي غير محتفِلةٍ ، ولا عامدةٍ
لذلكَ ، ولكنها لاهية غافلة ، وإنما يفعل ذلك حسْها.
ويقال للبعيرِ
، إذا أجفَرَ جَنْباهُ ، وضخُمَ بطنُهُ فاستوعبَ الحِزامَ ، حتى ضاقَ عنها : قد اغترقَ التصديرَ والبِطَانَ ، واستَغْرَقَهُ.
وأما قول لبيد
:
يغرقُ الثعلبِ في شِرَّتِهِ
ففيه قولان : أحدهما
: أنه يعني الفرسَ يسبقُ الثعلبَ بحُضْرِهِ ، فيخلّفه ؛ والثاني : أن الثعلبَ ـ هاهنا
ـ : ثعلبُ الرمح ، وهو ما دَخَلَ من الرمحِ في
السِّنانِ ، فأراد أنه يطعُنُ به حتى يُغِيِّبَهُ في المطْعُونِ ، لِشِدَّةِ
حُضْرِهِ.
وَالْغَرَقُ ـ في الأصل ـ :
دخولُ الماء في سَمْي الأنفِ ، حتى تمتلىءَ مَنَافِدُهُ ، فيَهْلَكَ.
والشَّرَقُ في
الْفَمِ : أن يَغَصَّ بِهِ ، لكثرتِهِ ، يقال : غَرِقَ
فلانٌ في
الماءِ ، وَشَرِقَ ، إذا غمرَهُ الماءُ ، فملأ مَنافِدَهُ حتى يموتَ ، وَمِنْ
هَذَا يُقَالُ : غَرَّقَتِ
الْقَابِلَةُ
الْوَلَدَ ، وَذلكَ إذا لم تَرْفُقْ بالمولودِ ، حتى تَدْخُلَ السابياءُ أنْفَهُ ،
فَتَقْتُلَه. ومنه قوله :
أَلا ليتَ قيساً غَرَّقَتْهُ الْقَوَابِلُ
وَالعَشْرَاءُ
من النوقِ ، إذا شُدَّ عليها الرّحْلُ بالحِبالِ ، ربما غَرِقَ الجَنِينُ الذي في بطنِها في ماء السابياء ، فتُسْقِطُهُ.