ومما يحقِّق
ذلك الحديث الآخر : «زيِّنُوا القرآن بأصواتكم» ، ونحو ذلك قال أبو عبيد.
وقال أبو
العباس : الذي حصَّلناه من حُفاظ اللغة في قوله صلىاللهعليهوسلم : «كأذنه لنبيٍ يتغنى
بالقرآن» أنه
على معنَيين ، على الاستغناء ، وعلى التطريب ، قلت : فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى
مقصورٌ ، ومن
ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء الصوت ممدود ، يقال : غنَّى
فلان يُغَنِّي أُغْنِية وتَغنَّى بأغنيةٍ حسنة ، وجمعها : الأغانِيُ
، وأما الغَنَاءُ بفتح الغين والمدِّ فهو الإجزاء والكفاية ، يقال : رجلٌ
مُغْنٍ ، أي مجزىءٌ كافٍ ، يقال : أغْنَيْتُ عنك مَغْنَى
فلان ومغْنَاته ومُغني
فلان ومُغْناته أجزأْتُ عنك مُجزأَهُ ومُجزأَتهُ.
وسمعت رجلاً من
فصحاء العرب يُبَكِّتُ خادماً له ويقول له : أغْنِ
عني وجهك بل
شَرَكَ بمعنى اكفني شرَّك وكُفَّ عنِّي شرَّك.
ومنه قول الله
جلَّ وعزَّ : (لِكُلِّ امْرِئٍ
مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)) [عبس : ٣٧] ، يقول : يكفيه شُغُلُ نفسه عن شُغلِ غيره.
الليث : رجل غان عن كذا ، أي : مُسْتَغْنٍ
عنه ، وقد غَنِيَ عنه ، ورجلٌ غَنِيٌ
: ذو وفرٍ.
وقال طرفة :
وإن كنت عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
ويقال : غَنِيَ القوم في دارِهِم : إذا طال مقامهم فيها.
وقال الله عزوجل : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا
فِيهَا) [الأعراف : ٩٢] ، أي : لم يُقيموا فيها.
أبو عبيد عن
أبي عبيدة : المغَاني
: المنازِلُ
التي يَقْطنها أهلها ، واحِدُها
مغنًى.
وقال الليث :
يقال للشيء إذا فني كأن لم يغن
بالأمس أي :
كأَنْ لم يكن.
قال : والغانيةُ : الشَّابَّةُ المتزوجةُ ، وجَمعُها غَوانٍ ، وهي التي غَنِيتْ
بالزوَّجِ ،
سلمة عن الفراء قال : الأَغناءُ : إمْلاكَاتُ العَرائسِ.
قال أبو منصور
: أراد بها التزويج ، قال : والإنغاء : كلام الصبيان.
وقال ابن
الأعرابي : الغنَى
: التَّزْويجُ
، والعرب تقول : الغنَى
: حِصْنٌ
للعزَبِ ، أي : التّزْويجُ.
وقال أبو عبيدة
: الغَوَانِي : ذَواتُ الأزْوَاجِ ، وأنشد :
أزمان لَيلى كعابٌ غير غانية
وأنشد لجميل :
وأحببت لما أن غنيت الغَوَانِيا
وقال ابن
السكيت عن عمارةَ : الغواني
: الشّوابُّ
اللّواتي يعْجِبْنَ الرّجال ويعْجِبهُنَّ الشبان.
وقال غيره : الغانِيةُ : الجارية الحسناء ذات زوجٍ كانت أو غير ذات زوجٍ ،
سمِّيت