responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تهذيب اللغة نویسنده : الأزهري، محمد بن أحمد    جلد : 6  صفحه : 178

ما أَبهَمَ الله. قلت : وقد رأيتُ كثيراً من أهل العِلم يذهَبون بمعنى قوله : أَبهِموا ما أبهمَ الله ، إلى إبهام الأمر واشتباهِه ، وهو إشكاله واشتباهه ، وهو غَلَط.

وكثيرٌ من ذَوِي المعرفة لا يميّزون بين المُبْهَم وغيرِ المُبهم تمييزاً مُقنِعاً شافياً وأنا أُبيّنه لك بعون الله وتوفيقه ؛ فقولُه جلّ وعزّ : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) [النِّساء : ٢٣] هذا كلُّه يسمَّى التحريم المُبهم ، لأنه لا يحِلّ بوجهٍ من الوجوه ولا سببٍ من الأسباب ، كالبهيم من ألوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالفُ معظمَ لونه.

ولمّا سُئل ابنُ عباس عن قوله : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) [النِّساء : ٢٣] ، ولم يبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ؟ أجاب فقال : هذا من مُبهَم التحريمِ الذي لا وَجْهَ فيه غير التحريم سواءٌ دخَلتم بنسائكم أو لمْ تدخلوا بهنّ ؛ فأُمَّهاتُ نسائكم مُحرّمات من جميع الجهات.

وأما قوله : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) [النِّساء : ٢٣] فالرّبائب هاهنا لسن من المبهمَة ، لأنّ لهنَّ وَجْهين مُبَيَّنين أُحْلِلْنَ في أحدهما وحُرِّمْن في الآخر ، فإذا دُخِل بأمَّهات الرّبائب حَرُمَتْ الرَّبائب ، وإن لمْ يُدْخَل بأمَّهات الرّبائب لم يَحرُمْنَ ، فهذا تفسيرُ المُبهَم الذي أراد ابنُ عباس ، فافهمْه.

أخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه أنشَدَه :

أَعْيَيْتَنِي كلَّ العَيا

ءِ فلا أَغَرُّ وَلَا بَهِيمُ

قال : يُضرَب مَثَلاً للأمر إذا أَشكل ولم تَتّضِح جِهَتُه واستقامتُه ومعرفتُه ، وأنشد في مثله :

تفرّقتِ المَخاضُ على يَسارٍ

فما يَدرِي : أيُخْثِر أمْ يُذِيبُ

وقال الليث : بابٌ مُبهَم : لا يُهتَدَى لفتحه إذا أُغْلِق ، وليلٌ بَهيم : لا ضوءَ فيه إلى الصّباح.

وقال ابن عَرَفة : البَهِيمة : مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام ، أي مُنْغَلِقٌ ذاك عنها ؛ ويقال : أبهمتُ الباب ، إذا سَدَدْتَه.

وقال الزجّاج في قوله جلّ وعزّ : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المَائدة : ١] يعني الأزواج الثمانية المذكورة في سورة الأنعام ، وإنما قيل لها بهيمة الأنعام لأنّ كلّ حيّ لا يُميِّز فهو بَهِيمة ، وإنما قيل له : بهيمة لأنه أُبهِم عن أن يميِّز.

قال : وقيل للإبهام الإصبع : إبهامٌ ؛ لأنها تُبْهِمُ الكَفّ : أي تُطبِق عليها.

قال : وطريق مُبْهَم : إذا كان خفيّاً لا تستبين. ويقال : ضرَبَه فوقع مُبْهماً : أي مغشيّاً عليه لا يَنطِق ولا يميِّز.

وقال الليث : البَهْمة : اسمٌ للذكر والأنثى من أولاد بَقَر الوَحش والغنم والماعِز ، والجميع البَهْم والبِهَام ، والبَهْم أيضاً : صِغارُ الغَنَم.

وقال أبو عُبَيد : يقال لأولاد الغنم ساعةَ تَضعُها من الضأن والمَعْز جميعاً ذكراً أو

نام کتاب : تهذيب اللغة نویسنده : الأزهري، محمد بن أحمد    جلد : 6  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست