قال المنذري :
وسمعتُ أبا العباس وسئل عن اشتقاق الشُّفعة في اللغة فقال : الشُّفعة : الزيادة ، وهو أن يشفِّعك
فيما تطلب حتّى
تضمَّه إلى ما عندك فتزيده وتشفعه
بها ، أي
تزِيدُه بها ، أي إنه كان وِتراً واحداً فضمَّ إليه ما زاده وشفعَه به. وروى أبو عُمر عن المبرد وثعلبٍ أنهما قالا في قول
الله تبارك وتعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي
يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البَقَرَة : ٢٥٥] قالوا : الشفاعة : الدُّعاء هاهنا. والشفاعة : كلام الشَّفيع
للملِكِ في
حاجةٍ يسألها لغيره. وقال القتيبيّ في تفسير
الشُّفعة : كان الرجلُ
في الجاهلية إذا أراد بيعَ منزلٍ أتاه جارُه فشَفَع
إليه فيما باع فشفّعه وجعَلَه أولى ممَّن بَعُدَ سببُه ، فسمِّيتْ شُفعةً وسمِّي طالبُها
شفيعاً.
قلتُ : جعلَ
القتيبيُ شفع إليه بمعنى طَلبَ إليه. وأصلُ الشُّفعة ما فسَّره أبو الهيثم وأبو العبَّاس أحمد بن يحيى.
وقال الله جلّ
وعزّ : (وَالشَّفْعِ
وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفَجر : ٣ ، ٤] قال الأسود بن يزيد : الشَّفْع
: يوم الأضحى ؛
والوَتْر : يوم عرفة.
وقال عطاء :
الوتر هو الله تعالى : والشَّفْع
: خَلْقُه.
وروى ابن عباس أنه قال : الوَتْر آدمُ شُفِع
بزوجته. وقال
في (الشَّفْعِ
وَالْوَتْرِ) : إن الأعدادَ كلَّها
شفعٌ ووتْر.
وقال الليث : الشَّفع من العدد : ما كان زوجاً ، تقول : كان وِتراً فشفعته بآخر.
قال : والشافع : الطالبُ لغيره يستشفِع
به إلى
المطلوب. وتقول : تشفّعت
لفلانٍ إلى
فلان فشفّعني فيه ، واسم الطالب شفِيع.
وقال الأعشى :
واستشفعتْ من
سَراة الحيّ ذا ثقةٍ
فقد عَصاها
أبوها والذي شَفَعا
قال : وتقول :
إنّ فلاناً ليَشفَعُ لي بعداوةٍ ، أي يُضادُّني. قال الأحوص :
كأنَّ من
لامَنِي لأصرمَها
كانوا علينا
بلومهمْ شفعوا
معناه أنَّهم
كأنّهم أغرَوْني بها حين لامُوني في هواها ، وهو كقوله :
... إنّ اللّومَ إغراءُ
عمرو عن أبيه :
الشُّفْعة : الجنون ، وجمعها
شُفَع.
وروى أبو
العباس عن ابن الأعرابي : يقال في وجهه شَفْعة وسَفْعةٌ ، وشُنْعة ، ورَدَّةٌ ونَظْرَةٌ ، بمعنى واحد.
وقال أبو عمرو
: يقال للمجنون : مشفوع
ومسفوع.
وفي الحديث أن
النبي صلىاللهعليهوسلم بعث مصدِّقاً فأتاه بشاةٍ شافع فردَّها وقال : «ائتني بمُعتاط».
قال أبو عبيد :
الشافع : التي معها ولدها ، سمِّيت شافعاً لأنّ ولدها
شَفَعها وشفعَتْه
هي. وقال شمر :
قال الفراء : ناقة
شافعٌ ، إذا كان في
بطنها ولدٌ ، يتلوها آخر. ونحوَ ذلك قال أبو عبيدة ، وأنشد :