نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم جلد : 2 صفحه : 15
المنبر هو الذي وصفه ابن النجار فيما يظهر؛ لأنه وضع تاريخه سنة ثلاث و تسعين و خمسمائة، و توفي قبل حريق المسجد سنة ثلاث و أربعين و ستمائة، و كان احتراق المسجد كما سيأتي سنة أربع و خمسين و ستمائة، و فيه احترق هذا المنبر، و فقد الناس بركته.
و قد زاد ابن جبير على ابن النجار في وصف هذا المنبر فقال: و هو مغشّى بعود الآبنوس، و مقعد رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) من أعلاه ظاهر قد طبق عليه لوح من الآبنوس غير متصل به يصونه من القعود عليه؛ فيدخل الناس أيديهم إليه و يمسحونه بها تبركا بلمس ذلك المقعد الكريم، و على رأس رجل المنبر الأيمن حيث يضع الخطيب يده إذا خطب حلقة فضة مجوفة مستطيلة تشبه حلقة الخياط التي يضعها في أصبعه إلا أنها أكبر منها، و هي لاعبة تستدير في موضعها، انتهى.
و الظاهر: أن هذا المنبر غير الذي وصفه ابن زبالة لأنه لم يصفه بذلك، و يوضح ذلك ما ذكره في الطراز لسند من المالكية حيث قال: إن منبر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) جعل عليه منبر كالغلاف، و جعل في المنبر الأعلى طاق مما يلي الروضة، فيدخل الناس منها أيديهم يمسحون منبر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) و يتبركون بذلك، انتهى؛ فهذا شيء حدث بعد ابن زبالة.
و قد قال المطري: حدثني يعقوب بن أبي بكر من أولاد المجاورين، و كان أبوه أبو بكر فراشا من قوام المسجد، و هو الذي كان حريق المسجد على يده، أن المنبر الذي زاده معاوية و رفع منبر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) تهافت على طول الزمان، و أن بعض خلفاء بني العباس جدده، و اتخذ من بقايا أعواد منبر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) أمشاطا للتبرك، و عمل المنبر الذي ذكره ابن النجار فيما تقدم.
قال يعقوب: سمعت ذلك من جماعة بالمدينة ممن يوثق بهم، و أن المنبر المحترق هو الذي جدده الخليفة المذكور، و هو الذي أدركه ابن النجار؛ لأن وفاته قبل الحريق.
قلت: و ظاهر كلام ابن عساكر في تحفته أنه كان قد بقي من المنبر الشريف بقايا فقط إلى احتراق المسجد، و هو من أدرك حريقه، و أورد في كتابه ما ذكره شيخه ابن النجار، و لفظه: و قد احترقت بقايا منبر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) القديمة، وفات الزائرين لمس رمانة المنبر التي كان (صلّى اللّه عليه و سلم) يضع يده المقدسة المكرمة عليها عند جلوسه عليه، و لمس موضع جلوسه منه بين الخطبتين و قبلهما، و لمس موضع قدميه الشريفتين بركة عامة و نفع عائد، و فيه (صلّى اللّه عليه و سلم) عوض من كل ذاهب و درك من كل فائت، انتهى. و هو صريح في بقاء ما ذكره إلى حين الحريق، و يؤيده ما تقدم عن رحلة ابن جبير و صاحب الطراز، بل ظفرنا بما يشهد لصحة ذلك؛ فإنه لما أراد متولي العمارة تأسيس المنبر الرخام الآتي ذكره حفروا على الدكة التي تقدم أن المنبر
نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم جلد : 2 صفحه : 15