مخلد بن يزيد بن المهلب [1] فيستوثق منه ففعل. و قدمت وفود التبت عليه يسألونه أن يبعث إليهم من يبصرهم دين الإسلام، ثم عزل عمر بن عبد العزيز الجراح بن عبد اللّه و ولى عبد الرحمن بن نعيم الغامدي و كتب إليه أن ينقل عيالات المسلمين و ذراريهم مما وراء النهر إلى مرو فلم يفعلوا و أقاموا.
و ولي يزيد بن عبد الملك بن مروان فولى مسلمة بن عبد الملك [2] العراق و خراسان، فولى مسلمة خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص، فحارب ملك فرغانة و حاصر خجندة [3] من بلاد الصغد و قتل و سبى، ثم عزله مسلمة و ولى سعيد بن عمرو الحرشي [4] من أهل الشام، ثم جمعت خراسان و العراق
بجيش كثيف، و غزا الخزر و غيرهم، فافتتح حصن بلنجر و حصونا أخرى، و مات يزيد فأقرّه، هشام بن عبد الملك زمنا، ثم عزله سنة 108 ه، و أعاده سنة 111 ه، فانصرف إلى الغزو، و الفتح، فاستشهد غازيا بمرج أردبيل سنة 112 ه/ 730 م قتله الخزر. قال الزرقي: كان الجرّاح يد اللّه على خراسان كلها، حربها و صلاتها و مالها. و قال الواقدي: كان البلاد بمقتل الجرّاح على المسلمين عظيما فبكوا عليه في كل جند.
[1] مخلد بن يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة، أمير، من بيت رياسة و بطولة، كان مع أبيه في أكثر وقائعه و ولاياته، و لما صارت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز و نقم عمر على أمير خراسان يزيد بن المهلب، كتب إليه أن يستخلف على عمله و يحضر إليه فاستخلف يزيد ابنه مخلدا، فقام بشؤون خراسان، ثم رحل مخلد إلى الشام وافدا على الخليفة عمر بن عبد العزيز، يلتمس الإفراج عن أبيه، و كان في سجن عمر، فناظره عمر و رأى من عقله ما أعجبه حتى قال: هذا فتى العرب! و لم يعش بعد ذلك غير أيام، و مات في الشام.
[2] مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أمير، قائد، من أبطال عصره من بني أمية في دمشق، يلقّب بالجرادة الصفراء، له فتوحات مشهورة، سار في مائة و عشرين ألفا لغزو القسطنطينية في دولة أخيه سليمان، سنة 96 ه، و ولاه أخوه يزيد امرأة العراقين و أرمينية، و غزا الترك و السند سنة 109 ه، و مات بالشام سنة 120 ه/ 738 م، و إليه نسبة بني مسلمة، و كانت منازلهم في بلاد الأسمونيين في مصر، قال الذهبي: كان أولى بالخلافة من سائر إخوته.
[3] خجندة: هي بلدة مشهورة بما وراء النهر على شاطىء سيحون، بينها و بين سمرقند عشرة أيام مشرقا، و هي مدينة نزهة ليس بذلك الصّقع أنزه منها و لا أحسن فواكه، و في وسطها نهر جار و الجبل متّصل بها. (معجم البلدان ج 2/ ص 397).
[4] سعيد بن عمرو الحرشي، قائد، من الولاة الشجعان من أهل الشام، و هو الذي قتل شوذب الخارجي، و فتك بمن معه سنة 101 ه، و ولاه ابن هبيرة خراسان سنة 103 ه، ثم بلغ ابن هبيرة أنه يكاتب الخليفة و لا يعترف بإمارته، فعزله و سجنه، ثم أخرجه خالد القسري و أكرمه، فعاد إلى الشام، فولاه هشام غزو الخزر سنة 112 ه، فرحل إلى أرمينية، ثم أمره