responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 2  صفحه : 23
ليسري بك إلى ربك في حالة محو نفسك ليلا، ويخرجك من مواطن تحكم العدو إلى مقامات حكم المولى فهناك لا تزلزلك الزلازل، وإن اشتدت هو لا كما قال: أصحاب موسى: " إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين " فكان من حكمة ربه لقومه الذين أسرى بهم ما كان فافهم كما خرج موسى من مدينة فرعون خائفاً يترقب مستغرقاً في ربه فأفضى أمره إلى مقام المناجاة جرت تلك السنة على اتباعه فأسرى بعباد الله من أرض فرعون خائفين يترقبون مستغرقين في نور إيمانهم فأفضى أمرهم به إلى مقام النجاة فافهم.
وكان رضي الله عنه يقول: إنما خرق الخضر عليه السلام السفينة بركابها لحكم منها أن يبين لهم أن السفينة لو كانت حاملة بألواحها، ودسرها لغرقوا عند خرقها ولن مكرمهم هو حاملهم في البر، والبحر فسواء، وجودها، وعدمها عند صاحب اليقين الكامل ولهذا مشى على الماء من كان هذا يقينه، ولو أراد المشي على الهواء أيضاً، وكان يقول: إذا رأيت أن الخضر عليه السلام قسمت له الحياة إلى إدراك الزمن المحمدي فما طلب موسى بفتاه السبيل إليه إلا من باب معنى قول القائل: لعلي أراهم أو أرى من يراهم فافهم، وكان رضي الله عنه يقول: إنما لقي موسى عليه السلام الخضر بفتاه ليجمع لفتاه بين بحر الرسالة من نبوته، وبحر الولاية من خصوصية الخضر عليه السلام، والسر في ذلك أن حكم الولي مع حكم الرسول الذي يلزمه شريعته كحكم النجم مع حكم الشمس، وذلك كما أن النص إذا وجد اندرجت أحكام الاجتهاد كلها تحته، وكان الحكم حكم النص، وإذا غاب النص رجع كل مجتهد إلى حكمه فكما أن حكم كل مجتهد في حياة النبي مندرج في حكمه إن أثبته ثبت، وإن نفاه انتفى كذلك حكم ولى مع رسول، وأما في زمن أبي بكر، ومن بعده من الخلفاء فلكل مجتهد حكمه لا يلزمه اجتهاد غيره فهكذا كان أولياء بني إسرائيل في حياة موسى مندرجي الحكم في حكمه فلما دنث، وفاته، وتوارى شمس رسالته بحجاب خليفته الذي يستخلفه بعده، وكان ذلك الخليفة هو فتاه الذي قصد به الخضر عليه السلام علم أن أحكام أهل الولاية ستظهر في زمان ذلك الفتى فأراه كيف يكون معاملته لهم إذا ظهر في زمن خلافته، وجمع له بين أمري الرسالة، والولاية فقال لفتاه " لا أبرح " أي لا أموت " حتى أبلغ مجمع البحرين " أي فيك " أو أمضي حقباً " أو أعيش إلى أن يحصل ذلك، ولو عشت حقباً " فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما " " الكهف: 61 " ثم كان من الأمر ما قص الله علينا في الكتاب فعلمه أن يسلم للأولياء باطناً، وإن اقتضى الشرع إنكار شيء من أمرهم أنكره ظاهراً على جهة الاستعلام كي لا يتشبه بأحكامهم من ليس في مقامهم، وإلا فما لموسى كف عن الخضر بتلك المعاني التي أبداها الخضر فإن مثلها لا تسقط به المطالبة في ظاهر الشرع فمن خرق سفينة قوم بغير إذنهم، وقال خرقتها لئلا تغضب لم تسقط المطالبة بذلك ظاهراً، ومن قتل صبياً، وقال خشيت أن يرهق أبويه طغياناً، وكفراً لم تسقط عنه المطالبة بذلك في ظاهر الشرع، وقول الولي ما فعلته عن أمري ليس مسوغا لمثل هذه الأعمال في الحكم الظاهر، وإن تحققت، ولايته فما كان الإنكار من موسى أولا إلا حفظاً لنظام الشرع الظاهر ثم كف آخراً حفظاً لرعاية أمر الله في أوليائه وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع، وهو شهيد، وكان رضي الله عنه يقول: في قصة موسى، والخضر يعني أن للحق عباداً أقامهم لبيان المكتسبات، وعباداً أقامهم لبيان الموهوبات ليس لأحدهما أن يعترض عل الآخر، ولا يشاركه فيما أقيم فيه وإن كان أحدهما نبياً، والآخر ولياً فافهم، وكان يقول: الجبال أمثال الرجال فكما أن الجبال لا يزيلها عن مقيلها من الأرض ما عام العالم إلا الشرك فكذلك الولي ما يزيل همته عن قلب من آوى إليه إلا شرك خالص موضع المحبة من قبله بغير ولاء ربه " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " " إبراهيم: 46 " فلا يفلت الولي قلب مريده سوى الشرك لا تقصير، ولا غيره فافهم.
وكان يقول: لفظة " ما " في قول الخضر لموسى؟ " ما فعلته عن أمري " موصولة، وأمره شأنه لأن تلك الأفعال كانت من أحكام روح الإلهام الولائي فافهم، وكان يقول: الخضر عليه السلام مظهر عرفاني رأى فيه موسى عليه السلام حين وجوده ما سأل في مقامه العرفاني أن يراه في شهوده، وذلك المظهر كان منه، وإليه فافهم، وكان يقول: ما من كامل في رتبة إلا وهو جامع لكمالات ما دونها، وفقير لكمالات ما فوقها فافهم إلى أن ينتهي الأمر إلى من له المنتهى، وليس، وراءه مرمى
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 2  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست