و قال عبد الرّزّاق، عن ابن جريج: بلغني أنّ عمر بن الخطاب حدّ أبا محجن بن حبيّب بن عمرو بن عمير الثقفي في الخمر سبع مرات.
و قيل: دخل أبو محجن على عمر فظنّه قد شرب، فقال: استنكهوه، فقال أبو محجن: هذا التجسّس الّذي نهيت عنه، فتركه.
و ذكر ابن الأعرابيّ، عن الفضل الضبي، قال: قال أبو محجن في تركه شرب الخمر:
رأيت الخمر صالحة و فيها* * * مناقب تهلك الرّجل الحليما
فلا و اللَّه أشربها حياتي* * * و لا أشفي بها أبدا سقيما
[الوافر] و ذكر ابن الكلبيّ، عن عوانة قال، دخل عبيد بن أبي محجن على عبد الملك بن مروان، فقال: أبوك الّذي يقول:
إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة* * * تروّي عظامي بعد موتي عروقها [1]
[الطويل] فذكر قصته.
و أوردها ابن الأثير بلفظ: قيل إنّ ابنا لأبي محجن دخل على معاوية فقال له: أبوك الّذي يقول ... فذكر البيت، و بعده:
و لا تدفننّي بالفلاة فإنّني* * * أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
[الطويل] قال: لو شئت لقلت أحسن من هذا من شعره. قال: و ما ذاك؟ قال قوله:
لا تسأل النّاس عن مالي و كثرته* * * و سائل النّاس عن حزمي و عن خلقي
اليوم أعلم أنّي من سراتهم* * * إذا تطيش يد الرّعديدة الفرق
قد أركب الهول مسدولا عساكره* * * و أكتم السّرّ فيه ضربة العنق
أعطي السّنان غداة الرّوع حصّته* * * و عامل الرّمح أرويه من العلق
عفّ المطالب عمّا لست نائله* * * و إن طلبت شديد الحقد و الحنق
قد يعسر المرء حينا و هو ذو كرم* * * و قد يسوم سوام العاجز الحمق
[1] ينظر الاستيعاب ترجمة رقم (3203)، و أسد الغابة ترجمة رقم (6228)، و تنظر الأبيات في تاريخ الطبري 3/ 549، و الأغاني للأصفهاني 21/ 139، 140.