فنقول : إنّ ما هو المقرّر عند أصحاب هذا القول : أنّ الأعمال التي تبقى آثارها في النفس هي الآثار الحسنة النورانية أو السيئة الظلمانية ، وأمّا مطلق الأعمال ممّا هي متصرّمة في عالم الطبع فلا يمكن تحقّقها في عالم آخر . ولا تكون تلك الأفعال موجبة لخلاّقية النفس صوراً غيبية تناسب تلك الأفعال .
وبالجملة : لوازم الأعمال هي الصور المتجسّدة بتبع فعّالية النفس إذا خرجت عن الجسد في البرازخ أو بعد الرجوع إليه في القيامة الكبرى . فالأفعال الطبيعية التي لم تورث في النفس صورة ، لا يمكن حشرها وتصوّرها في سائر العوالم . ومناط هذه التصوّرات هو الإطاعة والعصيان ، لا إتيان مطلق الأفعال .
وإن اُريد به الضرر الدنيوي ففيه : أنّ احتمال مطلق الضرر ـ ولو كان دنيوياً ـ غير واجبة الدفع ما لم يوجب احتمال العقاب .
فإن قلت : إنّ مع احتمال الضرر يحكم العقل بقبح الارتكاب ، وبالملازمة تثبت الحرمة .
قلت ـ مضافاً إلى أنّ ارتكاب الضرر ليس قبيحاً ، بل هو بلا داع عقلائي سفه ـ إنّ لازم ذلك البيان هو العلم بالتكليف في صورة احتماله ، فتأمّل .
فإن قلت : إنّ احتمال الضرر مستوجب لاحتمال القبح ، وهو مستلزم لاحتمال العقاب ، وقد علم وجوب دفعه .
قلت ـ مضافاً إلى ما أوردنا على الأوّل من أنّ ارتكاب الضرر بلا داع عقلائي سفه لا قبيح ، ومعه لا سفه ولا قبح ـ يرد عليه : أنّ الضرر بوجوده الواقعي لا يؤثّر في القبح ، بل على فرضه لابدّ من العلم به ، فالعلم به موضوع للقبح ، فمع احتمال الضرر لا يكون قبيحاً جزماً .
أضف إلى ذلك : أنّ الشبهة الموضوعية والوجوبية مشتركتان مع الشبهة