بهذا المعنى لا تختصّ بالأمارات ، بل يصحّ إطلاقه على القطع ، بل وبعض الشكوك .
وعليه : فالحكم الشرعي إنّما هو مترتّب على موضوعه الواقعي دون ما قام عليه الأمارة ، ولا المظنون بما هو مظنون ، كما يفيده ظاهر كلامه .
وأمّا ما ربّما يقال في حلّ الإشكال : من أنّ الموضوع للحجّيـة إنّما هو الرأي الموجود في موطنه وزمن حياته ، فهذا الظنّ المتحقّق في ظرفه وزمن حياته حجّة مطلقاً ـ حتّى اليوم الذي مات صاحبه وزال رأيه ـ لكن نفي وجوده المقيّد لايوجب ارتفاع وجوده المطلق عن صحيفة الواقع .
ضعيف ; لأنّ إثبات الحجّية الفعلية وجواز العمل كذلك لأمر معدوم فعلا غير صحيح ، فالمحمول الفعلي الإيجابي يحتاج إلى موضوع مثله .
وبعبارة اُخرى : ما هو الموضوع للحجّية وجواز العمل إنّما هو الظنّ الموجود بقيد أنّه موجود ، ومع ارتفاعه لا معنى لاستصحابه .
نعم ، لو كانت القضية حينية مطلقة ; بأن كان الموضوع هو الظنّ في حال الوجود أمكن استصحابه ; خصوصاً على ما حقّقنا من عدم شرطية بقاء الموضوع ، وإنّما الشرط اتّحاد القضيتين[ 1 ] . ولكنّه لايخلو عن منع وتأمّل ، بل الظاهر : أنّ الموضوع هو الظنّ الموجود بين العقلاء . ولو سلّمنا فالإشكال المتقدّم بحاله ; لأنّ حمل الحجّية الفعلية على أمر معدوم غير صحيح[ 2 ] .
[1] الاستصحاب ، الإمام الخميني(قدس سره) : 203 . [2] إنّ الحجّية وجواز العمل وتطبيق العمل عليه من الاُمور الاعتبارية الدارجة بين العقلاء ، وليست من الحقائق الخارجية الأصلية التي يحتاج ثبوتها الفعلي إلى الموضوع الفعلي ، وأيّ محذور أن يكون الظنّ الموجود في محلّه موضوعاً لجواز الاحتجاج على نحو الإطلاق ؟ !
وقد عرفت : أنّ رفع الوجود المقيّد لا يلازم سلب وجوده المطلق في الواقع ، على ما قرّر في محلّه . ثمّ أيّ فرق بين ما ذكره القائل وما اختار الاُستاذ ـ دام ظلّه ـ من أنّ الرأي الجزمي بوجوده الحدوثي طريق وكاشف عن الواقع ؟ ! مع أنّ ما ذكره ـ دام ظلّه ـ وارد على مختاره ، فتأمّل . [المؤلّف]