التقنينية بين العقلاء ، فكما أنّ الإرادة التقنينية الدارجة في أقطار العالم عبارة عن جعل حكم واحد على عنوان كلّي ـ مثل عنوان الناس والمالك والمستأجر ـ فهو بهذا الجعل الواحد على عنوانه يصير حجّة على مصاديق هذا العنوان مدى الدهور والأيّام ـ سواء كانوا موجودين حال الجعل أولا ـ من دون أن يتعلّق جعل مستقلّ بكلّ واحد من مصاديقه ، ولا إرادة مستقلّة ; بحيث يكون هناك إرادات وجعلات حسب نفوس المكلّفين .
وهكذا الجعل التشريعي ; فإنّ جعل من استطاع من الناس مركزاً وموضوعاً لطلب حجّ البيت ليس معناه تعلّق جعل مستقلّ لكلّ واحد من الأفراد ، بل معناه تعلّق الطلب التشريعي الواحد على العنوان الواحد ، لكنّه يصير بوحدانيته حجّة عند العقلاء لكلّ من تلبّس به فعلا أو في المستقبل ; فإنّ ما هو تمام الموضوع إنّما هو من استطاع ; أين وجد ، وفي أيّ زمان تلبّس .
ولذا لو شككنا في طروّ النسخ على هذا الحكم بعد قرن أو قرون كان علينا استصحابه ، مع أنّ ما ذكره القائل من الإشكال في جريان الاستصحاب جار بعينه فيه ، بل في عامّة الاستصحابات الحكمية .
والسرّ في عدم وروده مطلقاً : هو أنّه ليس المجعول على الموجودين حال التشريع مغايراً لما هو المجعول على الموجودين بعده ، بل هنا جعل واحد ومجعول واحد على عنوان كلّي ، فهذا الجعل المتعلّق على العنوان الكلّي الذي له مصاديق في طول الزمان حجّة واحدة على الكلّ في عموم الأوقات .
وعليه : فيسقط ما ذكره من الشقّين في كيفية إجراء الاستصحاب على نحو القضية الحقيقية .
وبذلك يظهر معنى الانحلال في الأحكام حسب تعدّد الأفراد ، ومعنى الشأنية