الأوّل : أن يكون المراد ما حجب الله علمه عن مجموع المكلّفين .
الثاني : أنّ المراد ما حجب الله علمه عن كلّ فرد فرد من أفراد المكلّفين .
الثالث : أنّ المراد كلّ من حجب الله علم شيء عنه فهو مرفوع عنه ; سواء كان معلوماً لغيره أو لا .
والمطابق للذوق السليم هو الثالث ، كما هو المراد من قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الرفع : «رفع عن اُمّتي ما لا يعلمون»[ 1 ] ، على أنّ مناسبة الحكم والموضوع يقتضي ذلك ; فإنّ الظاهر : أنّ المناط للرفع هو الحجب عن المكلّف ، وحجبه عن الغير وعدمه لا دخل له لذلك ، كما لا يخفى .
وتقرير الاستدلال : أنّ الظاهر من قوله : «موضوع عنهم» هو رفع ما هو المجعول بحسب الواقع ، كما هو المراد في حديث الرفع ، لا ما لم يجعل وسكت عنه تعالى من أوّل الأمر ; فإنّه ما لم يجعل من بدو الأمر فكيف يرفع .
وأنّ الظاهر من الحجب هو الحجب الخارج من اختيار المكلّف ، لا الحجب المستند إلى تقصيره وعدم فحصه . وعندئذ يعمّ كلّ حجب لم يكن مستنداً لتقصيره ; لأجل ضياع الكتب أو طول الزمان أو قصور البيان أو حدوث حوادث ونزول نوازل وملمّات عائقة بحسب الطبع عن بلوغ الأحكام إلى العباد على ما هي . وعندئذ يكون إسناد الحجب إليه على سبيل المجاز .
ومثله كثير في الكتاب والسنّة ; فإنّ مطلق تلك الأفعال يسند إليه تعالى بكثير ، من دون أن يكون خلاف ظاهر في نظر العرف .