ثمّ لو صحّ ما ذكر مـن التقريب أمكـن تقريب ما يعارضـه ; بأن يقال : لو انحصر الاجتهاد في شخص واحد ، ثمّ بلغ الفرد الآخر مقام الاجتهاد ـ وإن لم يبلغ مرتبته ولم يدرك شأوه ـ فنشكّ عندئذ في جواز الرجوع من الفاضل إلى المفضول ، فيستصحب عدم جوازه أو تعيّن قوله في الحجّية الفعلية ، ويتمّ في غيره بما ذكره من عدم القول بالفصل ، فتأمّل[ 1 ] .
وهاهنا اُصول اُخر لهم ضربنا عنها صفحاً ; لوضوح ضعفها[ 2 ] .
مقتضى بناء العقلاء في باب تقليد الأعلم
تمهيد : في بناء العقلاء على أصل التقليد
واستدلّ القوم على جواز التقليد بوجوه ; أتقنها وأهمّها ـ بل يمكن أن يقال : إنّـه الدليل الوحيـد ـ هـو بناء العقلاء على رجـوع الجاهـل إلى العالم ، بل قد عـدّ ذلك من القضايا الفطرية الارتكازيـة[ 3 ] ، وأنّ الإنسان بفطرته وارتكازه واقف على لـزوم الاستعلام مـن العالم ، مـن غير فرق بين أن يرجع ذلك إلى معاشه وحياتـه المادّي وغيره . فالجاهل باُمور الصنائع يرجع إلى الصنّاع ، والمريض المسدود عليه باب معالجة مرضه يرجع إلى الأطبّاء ، وهكذا .
وهذا البناء من العقلاء أو الفطرة الإنسانية بمثابة لايرتدع عنه الإنسان إلاّ
[1] وجهه واضح ; فإنّ المستصحب ـ كما في التقريب السابق ـ لامجعول ولا موضوع لأثر مجعول . [المؤلّف] [2] وبما حقّقه ـ دام ظلّه ـ يظهر ما هو الأصل في اشتراط الاجتهاد المطلق وعدمه . [المؤلّف] [3] كفاية الاُصول : 539 .