ثبوته في الواقع ـ مجعول مثله . وأمّا الجامع بينهما فهو أمر انتزاعي لا يتعلّق به الجعل ويمتنع وجوده في الخارج ، وقد أوضحناه غير مرّة[ 1 ] ; فالتخيير بهذا الجامع لا حكم شرعي مجعول ، ولا موضوع لحكم شرعي .
لايقال : إنّ ذلك إنّما يتمّ فيما إذا كان الحكم الثاني المحتمل قائماً بملاك مبائن لملاك الحكم الأوّل ، وأمّا إذا كان الحكم الشرعي الواقعي في نفس الأمر قائماً بملاك أوسع ممّا أدركه العقل فلا بأس لاستصحاب الحكم الشرعي المستكشف ابتداءً ; لأنّ المستكشف حكماً وملاكاً غير مبائن مع الحكم الواقعي النفس الأمري .
فيعدّ الحكم المنكشف مرتبة من مراتب الحكم الواقعي ، وملاكه مرتبة من الملاك الواقعي ، فيكون نفس الحكم الشخصي محتمل البقاء ، مع عدم العلم بارتفاع موضوعه .
لأ نّا نقول : لا معنى للملاك الأوسع من ملاك حكم العقل ـ أي قبح الترجيح بلا مرجّح ـ فلابدّ وأن يكون بإزائه ملاك آخر ، لاملاك أوسع من قبح الترجيح .
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ مقارن ملاك حكم العقل يحتمل أن يكون ملاك مستقلّ آخر ، فإذا ارتفع ملاك حكم العقل بقي شخص الحكم بذلك الملاك المستقلّ المجامع مع الملاك العقلي . فشخص الحكم قبل زوال ملاك حكم العقل كان معلولا لهما أو لجامعهما ، وبعد زواله صار باقياً ببقاء الملاك الآخر . فالشخص محفوظ ; وإن كان العلّة له ملاكين في زمان وملاك واحد في زمان آخر ، واختلاف العلّة لايوجب اختلاف الشخص عرفاً .