ذلك نقصاً في شريعته المقدّسة ، وصار ناقضاً لما خطب به في حجّة وداعه : «معاشر الناس ما يقرّبكم إلى الجنّة ويبعّدكم . . .» إلى آخره .
فلأجل هذا وذاك تحكم الضرورة بأنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) أوضح أمر الحكومة والقضاء وعيّن حدودهما ، وبيّن من يشغلهما بعد حياته وفي زمن غيبة أوصيائه ، ولم يترك الاُمّة سدى ; خصوصاً مع إخباره عن تطاول الغيبة ، وانقطاع يد الاُمّة عن أوليائه[ 1 ] ، مع تحريم أوصيائه الرجوع إلى قضاة الجور وقضاة الطاغوت ، وأنّ المأخوذ بحكمهم سُحت ; وإن كان الحقّ ثابتاً[ 2 ] .
فهو(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ تكميلا لنبوّته ، وتتميماً لشريعته ـ عيّن تكليف الاُمّة في زمن الغيبة ، وأمر أوصيائه أن يوضّحوا لهم الطريق في هذا الباب ; حتّى يندفع النقيصة ويتمّ الشريعة .
وما يقال : إنّ وجوده لطف وغيبته منّا ، فلا يجب تعيين السائس علينا ; لتقصيرنا في غيبته ، لايخلو عن خفاء ; فإنّ وجوده وإن كان لطفاً إلاّ أنّ غيبته لمصالح ربّنا أعرف بها ، لا لتقصير منّا ; فإنّ الشيعة في الحواضر والبوادي يناجون ربّهم ويدعونه إلى أن يعجّل في إظهار وليّه ، فهم غير مقصّرون في ذلك حتّى تكون الغيبة من ناحيتهم .
فإذا وقفت على قضاء العقل على أنّه قد حوّلت اُمور السياسة والحكومة والقضاء وفصل الخصومة إلى أفراد من هذه الاُمّة : فالقدر المتيقّن منها هو الفقيه العادل العارف بشؤون القضاء ، وفنون السياسة الدينية الإسلامية .
[1] راجع كمال الدين : 257 / 2 ، بحار الأنوار 51 : 108 / 42 و 52 : 143 / 60 و 61 . [2] الكافي 1 : 67 / 10 ، وسائل الشيعة 27 : 136 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 11 ، الحديث 1 .