فلابدّ في الخروج عن مقتضى الأصل ومفاد الأدلّة من دليل قاطع يسهّل لنا الخروج عن مقتضاهما :
الاستدلال على ثبوت منصبي الحكومة والقضاء للفقيه في زمن الغيبة
الاستدلال بالضرورة وحكم العقل
فنقول : قبل الخوض في مفاد الروايات الواردة في المقام لابدّ من التنبيه على أمر ، وهو : أنّا نعلم بالضرورة أنّ دين الإسلام أكمل الأديان وأتمّها وآخرها وخاتمها ، وأنّ رسول الله جاء بعامّة ما يحتاج إليه البشر في معاشه ومعاده إلى يوم القيامة ، وقد صرّح هو بنفسه في خطبة حجّة الوداع[ 1 ] وتظافر الروايات منه(صلى الله عليه وآله وسلم)على أنّه ما من أمر خطير أو دقيق إلاّ وقد بيّنه وأوضحه ; حتّى أرش الخدش[ 2 ] .
وممّا يحتاج إليه الاُمّة ـ بل هو من مهامّ اُمورهم وأعظمها ـ وجود السائس والحاكم والقاضي والفاصل في مختلف اُمورهم ; إذ لا حياة إلاّ بهما ، ولا قرار ولا استقلال إلاّ باستقرارهما في المجتمع الإسلامي .
فلو لم يعيّن(صلى الله عليه وآله وسلم) تكليف الاُمّة بعد حياته أو في زمن غيبة أوصيائه لعاد
[1] الكافي 2 : 74 / 2 ، وسائل الشيعة 17 : 45 ، كتاب التجارة ، أبواب مقدّماتها ، الباب 12 ، الحديث 2 . [2] راجع وسائل الشيعة 29 : 356 ، كتاب الديات ، أبواب ديات الأعضاء ، الباب 48 ، الحديث 1 .