استلزم جريانه بنفسه إلى دار الغير ، نعم ليس له توجيهه إلى دار الغير لدفع الضرر عن نفسه ; لكونه هو الإضرار .
وبالجملة : ما هو الحرام إنّما هو الإضرار على أنحائه ـ تسبيباً أو مباشرة ـ وأمّا حديث الرفع والدفع عن الغير فهو خارج عن مفاده .
بقي الكلام في الإكراه على الضرر : فالظاهر حكومة حديث الرفع على دليل نفي الضرر بأيّ معنىً فسّر ; سواء كان نهياً شرعياً أو نهياً سلطانياً ; فإنّ حديث «رفع ما استكرهوا»[ 1 ] حاكم على الرواية أو على دليل وجوب اتّباع الرسول واُولي الأمر ; أعني قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)[ 2 ] وغيره .
أو يقال بانصراف قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «لاضرر ولا ضرار» عن هاتيك الموارد ممّا لايستند الضرر حقيقة إلى المباشر ، بل إلى أمر المتوعّد ، كالتولية من الجائر على وجه الإكراه ; فإنّ الضارّ في نظر العرف إنّما هو المكرِه لا المكره ، بالفتح .
نعم ، القول بحكومة حديث الرفع على أدلّة الأحكام على إطلاقها غير صحيح ، وقد نبّهنا عليه في الرسالة التي عملناها في التقية[ 3 ] ، ولا يمكن الجمود على إطلاق الحديث والعمل به ; وإن تحقّق الإكراه ، كما إذا أوعده وأكرهه على هدم الكعبة وإحراق القرآن وإبطاله ; بحيث يقع الناس معه في الضلالة ، أو أمره على المعاصي الموبقة المهلكة .
[1] الخصال : 417 / 9 ، التوحيد ، الصدوق : 353 / 24 ، وسائل الشيعة 15 : 369 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ، الباب 56 ، الحديث 1 . [2] النساء (4) : 59 . [3] الرسائل العشرة ، التقية ، الإمام الخميني(قدس سره) : 12 .