وقد أوضحنا[ 1 ] : أنّ الحكم الشرعي ليس علّة أو سبباً توليدياً للضرر ، وإنّما له أدنى دخالة في تحقّقه بما أنّه باعث اعتباراً نحو الموضوع الذي فيه الضرر ، وهو السبب الوحيد له .
وأمّا ما أفاده المحقّق الخراساني : من أنّ المعهود في مثل هذا التركيب هو نفي الأثر بلسان نفي الموضوع[ 2 ] وإن كان صحيحاً غير أنّ المقام ليس من صغريات ما ادّعاه ; لما عرفت[ 3 ] أنّ الحكم الشرعي ليس أثراً للضرر ، ولا الضرر موضوعاً له .
نعم ، يمكن تصحيح ما ذكره بشرط ثبوت أمرين :
الأوّل : قلّة الأحكام الضررية في صفحة التشريع ; بحيث ينزّل الموجود منه منزلة المعدوم .
الثاني : ادّعـاء أنّـه لا شـأن للضرر مـن الشؤون ، غيـر الحكم الضـرري ، كما لا شأن للرجـل غيـر المروّة والشجاعـة ; حتّـى يصـحّ ادّعـاء أنّ المسبّب عيـن السبب .
فلو ثبت هذان الأمران أمكن نفي الضرر وإرادة نفي الحكم الضرري بتنزيل الموجود منزلة المعدوم ، وأنّى يمكن إثباتهما ؟ ! إذ هو يستلزم ـ على مبنى المشهور في المجاز ـ استعمال اللفظ الموضوع للمسبّب في السبب . مع عدم ثبوت الأمرين في حدّ نفسهما ، مضافاً إلى غرابته وعدم معهوديته .
[1] تقدّم في الصفحة 508 . [2] كفاية الاُصول : 432 . [3] تقدّم في الصفحة 515 .