والحاصل : أنّ الذي دعانا إلى هذا الوجه إنّما هو تظافر القرائن على صحّته ، وعدم الطمأنينة بما ذكره الأعلام في تفسير الحديث ; فإنّ ما اختاره شيخنا الأعظم(رحمه اللّه) لم يكن خالياً من إشكالات غير منحلّة ، كما عرفت[ 1 ] .
أضف إلى ذلك : أنّ ما اختاره من المذهب يستلزم أن لايكون الحديث من أقضية النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ، مع أنّه من قضاياه ، بل قيل من أشهر ما قضى به النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)[ 2 ] ، ولا يوجد أيّ تناسب بين صدر الواقعة وذيلها ; فإنّ شأن الحديث وإن كان غير مروي في كتب العامّة إلاّ أنّه مروي في كتبنا .
وقد عرفت : أنّ الصدر متضمّن لرفع الشكاية من المظلوم عن الظالم إلى رئيس الملّة وسلطانها المطلق ، وأيّ تناسب بينه وبين الإخبار عن نفي الحكم الضرري وعدم جعلها ، وأيّ تناسب في تعليل قلع الشجرة بقوله : «لاضرر ولاضرار» .
مضافاً إلى : عدم معهودية ما ذكره من المعنى من أمثال هذه التراكيب الدارجة في كلمات الفصحاء ، الواردة في الآثار الشرعية عن بيوت الوحي ; فإنّ الغالب إنّما هو نفي الأثر بلسان نفي موضوعه ، أو النهي بلسان النفي ، وأمّا نفي عنوان الضرر وإرادة نفي ما له أدنى دخالة في تحقّقه فلم يعهد من هذا التركيب .