أمّا البراءة الشرعية فربّما يتوهّم إطلاق أدلّتها ; قائلا بأنّه ظاهر قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «رفع عن اُمّتي . . . ما لا يعلمون»[ 1 ] ، و«إنّ الناس في سعة ما لا يعلمون»[ 2 ] هو الرفع والتوسعة ; كان قبل الفحص أو بعده .
وربّما يجاب بالتقييد بالإجماع[ 3 ] ، وهو كما ترى . وربّما يتمسّك بالعلم الإجمالي[ 4 ] ، وقد عرفت : أنّ التمسّك به خروج عن موضوع البحث ; لأنّ البحث في شرائط الجريان بعد الفراغ عن كون المقام مجرى لها[ 5 ] .
والحقّ : إنكار إطلاقها لما قبل الفحص ، وذلك بوجهين :
الأوّل : أنّ العقل يحكم بوجـوب اللطف على الله ببعث الـرسل وإنـزال الكتب حتّى ينتفع الناس بأحكامـه تعالى عاجـلا وآجـلا ، ويصلح حالهم في الـدنيا والآخـرة .
ومع هذا الحكم الباتّ هل يمكن أن يحتمل العقل أنّ من أحكامه تعالى هو
[1] الخصال : 417 / 9 ، التوحيد ، الصدوق : 353 / 24 ، وسائل الشيعة 15 : 369 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ، الباب 56 ، الحديث 1 . [2] الكافي 6 : 297 / 2 ، وسائل الشيعة 3 : 493 ، كتاب الطهارة ، أبواب النجاسات ، الباب 50 ، الحديث 11 ، و 24 : 90 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ، الباب 38 ، الحديث 2 . [3] فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 412 ، اُنظر كفاية الاُصول : 424 . [4] فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 414 . [5] تقدّم في الصفحة 428 .