وفيه : أنّ المنسي بالضرورة نفس الطبيعة ; بمعنى حضورها في الذهن . فإن أراد القائل من تعلّقه بالوجود تعلّقه بالفرد الخارجي فواضح الفساد ; وإن كان المراد إيجاد الطبيعة فهو يرجع إلى ما ذكرنا .
ومنها : أنّه إن اُريد من رفع الجزئية عن الجزء رفعها في مقام الدخل في الملاك فلا شبهة أنّه أمر تكويني لايقبل الرفع التشريعي .
وإن اُريد رفعها بلحاظ انتزاعها عن التكليف الضمني ففيه : أنّ الحديث يختصّ بما لولاه لكان قابلا للثبوت تكليفاً أو وضعاً ، والتكليف الفعلي مرتفع عن المنسي بعروض النسيان ، بملاك استحالة التكليف بما لا يطاق ، فالتكليف مرتفع مع قطع النظر عن الحديث[ 1 ] .
قلت : إنّ ذلك يناقض مع ما مرّ[ 2 ] من القائل من القول بالجزئية المطلقة فيما إذا كان لسان الدليل لسان وضع ، أو لسان تكليف لكن على وجه الإرشاد إلى الجزئية ، وما نقلناه هناك عن القائل نصّ في إمكان جعل الجزئية بالنسبة إلى الغافل والجاهل ، ولايلزم منه التكليف بما لايطاق .
بل ذكر(رحمه اللّه) في موضع من كلامه : أنّ البحث عن البراءة الشرعية في المقام فيما إذا ثبت لأدلّة الأجزاء والشرائط إطلاق ; بحيث لولاه لما كان للبحث عنها مجال . ولكنّه زعم في المقام أنّ ثبوت الإطلاق في حال النسيان يوجب التكليف بما لا يطاق[ 3 ] . ولعلّه من عثرات ذهنه أو قلمه الشريف .
[1] نهاية الأفكار 3 : 429 . [2] تقدّم في الصفحة 344 . [3] نهاية الأفكار 3 : 426 .