ثمّ لو فرض الوجوب الغيري للأجزاء فيمكن للآتي بالأقلّ قصد التقرّب ; لاحتمال كون الأقلّ واجباً نفسياً ، وما لا يمكن له هو الجزم بالنيّة ، وهو غير معتبر في العبادات جزماً ; ولهذا يصحّ العمل بالاحتياط وترك طريقي الاجتهاد والتقليد .
وكما أنّ الجزم بالنيّة غير ممكن مع الإتيان بالأقلّ كذلك غير ممكن مع الإتيان بالأكثر ; لعدم العلم بمتعلّق التكليف . فقصد القربة ممكن منهما ، والجزم غير ممكن منهما بلا افتراق بينهما .
في جريان البراءة الشرعية في المقام
ولا يخفى : أنّه بعد ما اتّضح كون الجزء الزائد مشكوكاً فيه من رأس ـ لانحلال العلم الإجمالي ـ يقع الجزء المشكوك فيه مورداً للبراءة الشرعية ، ويشمله حديثا الرفع والحجب ، وغيرهما من أدلّة الباب ; لأنّ شأن الحديثين هو الرفع التعبّدي .
فمعنى الرفع في المقام هو رفع الجزئية عن الجزء المشكوك فيه ، والبناء على عدم كون المشكوك فيه جزءً . فهو يأتي بالأجزاء المعلومة لأجل الأمر المتعلّق بالمركّب الذي عرفت داعويته إلى نفس الأجزاء بدعوة واحدة ، وينفي لزوم الجزء المشكوك فيه أو جزئيته للمركّب ، ويكون مأموناً من العقاب .
وأمّا إجزاء الأقلّ عن الأكثر لو فرض انكشاف الواقع : فقد أوضحنا حاله بما لا مزيد عليه في مبحث الإجزاء[ 1 ] ، فلا وجه للإعادة .