فتخصيص الموصول بالشبهات الموضوعية ينافي هذا الظهور ; إذ لا يكون الفعل فيها بنفسه معروضاً للجهل ، وإنّما المعروض له هو عنوانه . وحينئذ يدور الأمر بين حفظ السياق من هذه الجهة بحمل الموصول في «ما لا يعلمون» على الحكم ، وبين حفظه من جهة اُخرى بحمله على إرادة الفعل ، والعرف يرجّح الأوّل[ 1 ] ، انتهى .
والجواب عن الأوّل ـ مضافاً إلى أنّ المدّعى وحدة السياق فيما يشتمل على الموصول ، لا في عامّة الفقرات ـ أنّ الفقرات الثلاث أيضاً فعل من الأفعال ، غاية الأمر أنّها من قبيل الأفعال القلبية ، ولأجل ذلك تقع مورداً للتكليف ; فإنّ تمنّي زوال النعمة عن الغير فعل قلبي محرّم . وقس عليه الوسوسة والطيرة ; فإنّها من الأفعال الجوانحية .
وعن الثاني : أنّ المجهول في الشبهات الموضوعية إنّما هو نفس الفعل أيضاً لا عنوانه فقط ، بل الجهل بالعنوان واسطة لثبوت الجهل بالنسبة إلى نفس الفعل ، لا واسطة في العروض . فالشرب في المشكوك خمريته أيضاً مجهول ; وإن كان الجهل لأجل إضافة العنوان إليه .
أضف إلى ذلك : أنّه لو سلّم ما ذكره فلا يختصّ الحديث بالشبهة الحكمية ; لأنّ الرفع ادّعائي ، ويجوز تعلّقه بنفس الموضوع ، فيدّعى رفع الخمر بما لها من الآثار ، فيعمّ الحديث كلتا الشبهتين .
وربّما يدّعى اختصاص الحديث بالشبهة الحكمية ; لأنّ الموضوعات الخارجية غير متعلّقة للأحكام ، وإنّما هي متعلّقة بنفس العناوين . فرفع الحكم عنها