الباحث ; لأنّ الدليل الوحيد ما عرفت من بناء العقلاء ودلالة الأخبار ، وليس عنوان غير المحصور واقعاً في مصبّ رواية حتّى نتكلّف لبيان حدّه .
ثمّ إنّه يظهر من بعض أعاظم العصر ضابطاً آخر ; فقال ما هذا حاصله : إنّ ضابطها أن تبلغ الأطراف حدّاً لا يمكن عادة جمعها في الاستعمال ; من أكل وشرب ، فخرج العلم بنجاسة حبّة من حقّة ; لإمكان استعمال الحقّة ، مع أنّ نسبتها إلى الحقّة تزيد عن نسبة الواحد إلى الألف .
فليس العبرة بكثرة العدد فقط ; إذ ربّ كثير تكون الشبهة فيه محصورة ، كالحقّة من الحنطة . كما لا عبرة بعدم تمكّن الجمع فقط ; إذ ربّما لا يتمكّن عادة مع أنّ الشبهة محصورة ، ككون أحد الأطراف في أقصى بلاد المغرب ، بل لابدّ من الأمرين : كثرة الأطراف ، وعدم التمكّن العادي من الجمع .
وبهذا تمتاز الشبهة الغير المحصورة عمّا تقدّم في المحصورة ، من أنّه يعتبر فيها إمكان الابتلاء بكلّ واحد من أطرافها ; فإنّ إمكان الابتلاء بكلّ واحد غير إمكان الابتلاء بالمجموع . فالشبهة الغير المحصورة ما تكون كثرة الأطراف بحدّ يكون عدم التمكّن في الجمع في الاستعمال مستنداً إليها .
ومن ذلك يظهر حكمها ; وهو عدم حرمة المخالفة القطعية وعدم وجوب الموافقة القطعية :
أمّا عدم الحرمة : فلأنّ المفروض عدم التمكّن العادي منها .
وأمّا عدم وجـوب الموافقـة القطعية : فلأنّ وجوبها فرع حرمـة المخالفـة القطعية ; لأ نّها هي الأصل في باب العلم الإجمالي ; لأنّ وجوب الموافقة القطعية يتوقّف على تعارض الاُصول في الأطراف ، وتعارضها يتوقّف على حرمـة المخالفـة القطعية ، فيلزم من جريانها في جميع الأطراف مخالفة عملية للتكليف ،